الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة

فمن الحوادث فيها:

أنه ورد أبو عبد الله الطبري الفقيه في المحرم بمنشور من نظام الملك بتولية التدريس بالنظامية ، فدرس بها ، ثم وصل في ربيع الآخر أبو محمد عبد الوهاب الشيرازي ومعه منشور بالتدريس بها ، فتقرر أن يدرس فيها هذا يوما وهذا يوما .

وفي ربيع الآخر: خلع على أبي القاسم علي بن طراد ، وكتب له منشور بنقابة العباسيين بعد أبيه .

وفي جمادى الأولى: ورد البصرة رجل كان ينظر في علوم النجوم يقال له: تليا ، واستغوى جماعة ، وادعى أنه الإمام المهدي ، وأحرق البصرة فأحرقت دار كتب عملت قبل عضد الدولة ، وهي أول دار [كتب] عملت في الإسلام ، وخربت وقوف البصرة التي وقفت على الدواليب التي تدور ، وتحمل الماء فتطرحه في قناة الرصاص الجارية إلى المصانع التي أماكنها على فرسخ من الماء .

وحكى طالوت بن عباد: أنه رأى محمد بن سليمان أمير البصرة في المنام فقال له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي ولولا حوض المربد لهلكت .

وكان محمد قد ابتدأ بهذا المصنع عند خروجه إلى مكة ، وعاد إلى البصرة ، فاستقبل بمائه فشربه وصلى على جانبه ركعتين شكرا لله تعالى على تمام هذه [ ص: 290 ] المصلحة ، فأصبح طالوت ، فعمل مصنعا وقف عليه وقوفا .

قال المصنف: وقرأت بخط ابن عقيل: استفتي على المعلمين في سنة ثلاث وثمانين فأخرجهم ظهير الدين - يعني من المساجد - وبقي خالوه مجيرا ، وكان رجلا صالحا من أصحاب الشافعي في مسجد كبير يصونه ويصلي فيه بهم . وينظفه ، فاستثني بالسؤال فيه فقال قائل: لم يخص هذا .

قال ابن عقيل: قد ورد التخصيص بالفضائل في المساجد خاصة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "سدوا هذه الخوخات التي في المسجد إلا خوخة أبي بكر" ولا نشك أنه إنما خصه لسابقته ، وهذا فقيه يدري كيف يصان المساجد ، وله حرمة ، وهو فقير لا يقدر على استئجار منزل فجاز تخصيصه بهذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية