الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  حديث قرص أم سليم وما أبان الله فيه من دلالة رسول الله صلى الله عليه وسلم

                                                                  50 - حدثنا بكر بن سهل الدمياطي ، ثنا أبو صالح عبد الله بن صالح ، [ ص: 301 ] قال : حدثني الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن أنس بن مالك قال : أتى أبو طلحة أم سليم وهي أم أنس بن مالك ، وأبو طلحة رابه ، فقال : عندك يا أم سليم شيء ؟ فإني مررت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقرئ أصحاب الصفة سورة النساء وقد ربط على بطنه حجرا من الجوع ، فقالت : كان عندي شيء من شعير فطحنته ، ثم أرسلني إلى الأسواق ، والأسواق حوائط لهم ، فأتيتهم بشيء من حطب فجعلت منه قرصا ، ثم قال : عندك أدم ؟ فقالت : كان عندي نحي فيه سمن ، فلا أدري أبقي فيه شيء ؟ فأتيته به فعصره ، فقال : إن عصر اثنين أبلغ من عصر واحد فعصراه جميعا ، فأخرجا مثل التمرة فدهنت به القرص ، ثم دعاني فقال : يا بني ، تعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : نعم ، قال : إني تركت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أصحاب الصفة يقرئهم ، فادعه ولا تدع معه غيره ، انظر أن لا تفضحني ، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلما رآني قال : " لعل أباك أرسلك إلينا " قلت : نعم ، فقال للقوم : " انطلقوا " وهم يومئذ ثمانون رجلا ، فأمسك بيدي ، فلما دنوت من الدار نزعت يدي من يده ، فجعل أبو طلحة يطلبني في الدار ويرميني بالحجارة ، ويقول : فضحتني عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم إنه خرج إليه فأخبره الخبر ، فقال : " لا يضرك " فأمرهم فجلسوا ، ثم دخل فأتيناه بالقرص ، فقال : " هل من أدم ؟ " فقالت أم سليم : يا رسول الله قد كان عندنا نحي وقد عصرته أنا وأبو طلحة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هلموه ، فإن عصر الثلاثة أبلغ من عصر الاثنين " ، فأتي به رسول الله فعصره رسول [ ص: 302 ] الله - صلى الله عليه وسلم - معهما ، فأخرجوا منه مثل التمرة فمسحوا به القرص ، فمسحه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده ودعا فيه بالبركة ، ثم قال : " ادعوا لي عشرة " فدعوت عشرة فأكلوا منه حتى ثملوا شبعا ، فما زالوا يدخلون عشرة عشرة حتى شبعوا ، ثم جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجلسنا معه فأكلنا حتى فضل " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية