الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              325 [ ص: 418 ] (باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة" ).

                                                                                                                              ولفظ النووي (باب بيان كون هذه الأمة نصف أهل الجنة) والمعنى واحد.

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 96 ج 3 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن عبد الله ، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة نحوا من أربعين رجلا، فقال: أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قال: قلنا: نعم، فقال: أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟ فقلنا: نعم، فقال: والذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة؛ وذاك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة، وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عبد الله) ابن مسعود رضي الله عنه، (قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة نحوا من أربعين رجلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟" "قال: قلنا: نعم. فقال: "أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟" فقلنا: نعم.

                                                                                                                              [ ص: 419 ] وفي رواية أخرى عنه عند مسلم (قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما ترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟" قال: فكبرنا. ثم قال: "أما ترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟" قال فكبرنا).

                                                                                                                              وتكبيرهم هذا لسرورهم بهذه البشارة العظيمة.

                                                                                                                              (فقال: "والذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة" ).

                                                                                                                              وفي لفظ: "شطر أهل الجنة"، وهما بمعنى.

                                                                                                                              ولم يقل أولا "نصف أهل الجنة"، أو "شطرهم، لكون ذلك أوقع في نفوسهم، وأبلغ في إكرامهم، فإن إعطاء الإنسان مرة بعد أخرى، دليل على الاعتناء به، ودوام ملاحظته.

                                                                                                                              "وفيه" فائدة أخرى، وهي تكرير البشارة، مرة بعد أخرى، وكرة بعد أولى.

                                                                                                                              "وفيه"، أيضا حملهم على تجديد شكر الله تعالى، وتكبيره، وحمده على كثرة نعمه.

                                                                                                                              ثم إنه قد ثبت في الحديث الآخر؛ أن أهل الجنة "عشرون ومائة صف هذه الأمة منها "ثمانون" صفة.

                                                                                                                              وهذا يدل على كونهم ثلثي أهل الجنة، فيكون النبي صلى الله عليه وسلم، أخبر [ ص: 420 ] أولا بحديث الشطر، ثم تفضل الله تعالى بالزيادة، فأعلم بحديث الصفوف؛ فأخبر به النبي بعد ذلك.

                                                                                                                              ولهذا نظائر كثيرة في الحديث معروفة، كحديث جماعة الصلاة ونحوه.

                                                                                                                              "وذاك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة"، هذا نص صريح في أن من مات على الكفر لا يدخل الجنة أصلا. وهذا النص على عمومه بإجماع المسلمين.

                                                                                                                              (وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود).

                                                                                                                              ( "أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر" ). هذا شك من الراوي.

                                                                                                                              والحديث له طرق، وألفاظ. وفي بعضها: ( "فأسند" ظهره إلى قبة أدم. فقال: إلى قوله "اللهم هل بلغت؟ اللهم اشهد).

                                                                                                                              معناه: أن التبليغ واجب علي، وقد بلغت فاشهد لي به.




                                                                                                                              الخدمات العلمية