الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        قوله - عز وجل -: كذب أصحاب الأيكة المرسلين ؛ " الأيكة " : الشجر الملتف؛ ويقال: " أيكة " ؛ و " أيك " ؛ مثل " أجمة " ؛ و " أجم " ؛ والفصل بين واحده وجمعه الهاء؛ ويقال في التفسير: إن أصحاب الأيكة هؤلاء كانوا أصحاب شجر ملتف؛ ويقال: إن شجرهم هو الدوم؛ والدوم هو شجر المقل؛ وأكثر القراء على إثبات الألف واللام في " الأيكة " ؛ وكذلك يقرأ أبو عمرو؛ وأكثر القراء؛ وقرأ أهل المدينة: " أصحاب ليكة " ؛ مفتوحة اللام؛ فإذا وقف على " أصحاب " ؛ قال: " ليكة المرسلين " ؛ وكذلك هي في هذه السورة بغير ألف في المصحف؛ وكذلك أيضا في سورة " ص " ؛ بغير ألف؛ وفي سائر القرآن بألف؛ ويجوز - وهو حسن جدا -: " كذب أصحاب لايكة المرسلين " ؛ بغير ألف في الخط؛ على الكسر؛ على [ ص: 98 ] أن الأصل " الأيكة " ؛ فألقيت الهمزة؛ فقيل: " ليكة " ؛ والعرب تقول: " الأحمر جاءني " ؛ وتقول إذا ألقت الهمزة: " الحمر جاءني " ؛ بفتح اللام؛ وإثبات ألف الوصل؛ ويقولون أيضا: " لاحمر جاءني " ؛ يريدون: " الأحمر " ; وإثبات الألف واللام فيهما في سائر القرآن يدل على أن حذف الهمزة منها التي هي ألف الوصل بمنزلة قولهم " لاحمر " ؛ قال أبو إسحاق: أعني أن القراءة بجر " ليكة " ؛ وأنت تريد " الأيكة " ؛ واللام أجود من أن تجعلها " ليكة " ؛ وأنت لا تقدر الألف واللام؛ وتفتحها لأنها لا تنصرف؛ لأن " ليكة " ؛ لا تعرف؛ وإنما هي " أيكة " ؛ للواحد؛ و " أيك " ؛ للجمع؛ فأجود القراءة فيها الكسر؛ وإسقاط الهمزة لموافقة المصحف؛ وأهل المدينة يفتحون على ما جاء في التفسير أن اسم المدينة التي كانت للذين أرسل إليهم شعيب - عليه السلام - " ليكة " ؛ وكان أبو عبيد القاسم بن سلام يختار قراءة أهل المدينة؛ والفتح؛ لأن " ليكة " ؛ لا تنصرف؛ وذكر أنه اختار ذلك لموافقتها الكتاب؛ مع ما جاء في التفسير؛ كأنها تسمى المدينة " الأيكة " ؛ وتسمى الغيضة التي تضم هذا الشجر " الأيكة " ؛ والكسر جيد على ما وصفنا؛ ولا أعلمه إلا قد قرئ به.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية