الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا

                                                          هذا قانون العدل؛ وهو أن يجازى المسيء على إساءته؛ والمحسن بإحسانه؛ هذا ما استقر عليه أمره؛ واعتزمه; ولذا قال - معتزما تنفيذه -: أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا أي: عذابا شديدا؛ بالغا أقصى أحوال الشدة؛ حتى ينزل بهم - ولم يتوقعوه -؛ وينكروه لغرابته عليهم؛ فـ "النكر "؛ هو الأمر المستنكر مما وقع عليه؛ وقد أكد في القول وقوعه في المستقبل بـ "سوف "؛ الدالة على توكيد وقوع الفعل في المستقبل.

                                                          والظلم يقع على كل المنكرات; لأن الظلم يكون بنقص الحقوق؛ والتفريط فيها؛ ويكون بمجاوزة حد المعقول؛ فيقع على الشرك؛ وإن الشرك لظلم عظيم؛ ويقع على كل المنهيات من المعاصي؛ كالقتل؛ وشرب الخمر؛ والزنا؛ ورمي المحصنات؛ و "العذاب النكر "؛ يكون بالجزاء الذي يملكه ملك عادل؛ جزاء دنيوي.

                                                          هذا هو جزاء المسيء في قانون العدل؛ الذي سنه ذو القرنين لنفسه؛ لا يفلت المسيء؛ وكذلك لا ينقص المحسن من جزاء حسن; ولذا قال:

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية