الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 210 ] وللمرأة أن تهب حقها من القسم لبعض ضرائرها بإذنه ، وله الرجوع فيجعله لمن شاء منهن ، فمتى رجعت في الهبة ، عاد حقها ، ولا قسم عليه في ملك يمينه ، وتستحب التسوية بينهن ، وأن لا يعضلهن إن لم يرد الاستمتاع بهن .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وللمرأة أن تهب حقها من القسم ) بلا مال ( لبعض ضرائرها ) ; لفعل سودة بأنها وهبت لعائشة يومها ، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم لعائشة يومها ويوم سودة متفق عليه ( بإذنه ) ; لأن حقه على الواهبة ثابت ، فلا ينتقل إلى غيرها إلا برضاه ، وظاهره : ولو أبت الموهوب لها أي : لا يشترط رضاها ، وليس لنا هبة يقبل فيها غير الموهوب له مع تأهله للقبول إلا هذه ، ثم إن كانت ليلة الواهبة لا تلي ليلة الموهوبة لم تجز الموالاة بينهما; لأن الموهوبة قائمة مقام الواهبة ، فلم يجز تغييرها عن موضعها ، وذكر جماعة : وإذن سيد أمة; لأن ولدها له ( وله ) أي : للزوج ( الرجوع ) ; لأن الحق لها ، فلمن نقلته إليه انتقل ( فيجعله لمن شاء منهن ) ; لأنه قائم مقام الواهبة ، فالخيرة له كهي ، وفي " الترغيب " لو قالت : خص بها من شئت ، الأشبه أنه لا يملكه; لأنه يورث الغيظ بخلاف تخصيصها واحدة ( فمتى رجعت في الهبة عاد حقها ) ; لأنها هبة لم تقبض ، والمراد به العود في المستقبل ، لا فيما مضى; لأنه قد اتصل به القبض ، فعلى هذا إذا رجعت في أثناء ليلتها لزم الزوج الانتقال إليها ، وإن لم يعلم حتى أتم الليلة لم يقض لها شيئا; لأن التفريط منها .

                                                                                                                          فرع : إذا بذلت ليلتها بمال لم يصح; لأنها ليست مالا ولا منفعة يستحق بها المال ، فإن كان العوض غير المال كإرضاء زوجها عنها أو غيره - جاز ولها بذل قسم ونفقة وغيرهما ، ليمسكها ، والرجوع ليجدد الحق ، وفي " الهدي " يلزم ولا مطالبة ، لأنها معاوضة كما يلزم ما صالح عليه من الحقوق .

                                                                                                                          ( ولا قسم عليه في ملك يمينه ) بل يطأ من شاء منهن متى شاء; لقوله تعالى : [ ص: 211 ] فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم [ النساء : 3 ] وقد كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - مارية وريحانة ، فلم يكن يقسم لهما; ولأن الأمة لا حق لها في الاستمتاع; ولذلك لا يثبت لها الخيار بكون السيد مجبوبا أو عنينا ، ولا تضرب لها مدة الإيلاء ، وظاهره : وإن أخذ من زمن زوجاته ، وفي " المحرر " : لكن يسوي في حرمانهن ( وتستحب التسوية بينهن ) ; لأنه أطيب لقلوبهن وأبعد من النفرة والبغضة ( و ) عليه ( أن لا يعضلهن إن لم يرد الاستمتاع بهن ) أي : إذا احتاجت الأمة إلى النكاح وجب عليه إعفافها ، إما بوطئها ، أو تزويجها ، أو بيعها; لأن إعفافهن وصونهن عن احتمال الوقوع في المحظور واجب .




                                                                                                                          الخدمات العلمية