الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وينحصر الكلام على الياءات المختلف فيها في ست فصول

                                                          الفصل الأول

                                                          في الياءات التي بعدها همزة مفتوحة ; وجملة الواقع من ذلك في القرآن تسع وتسعون ياء . ومن ذلك في البقرة ثلاث ( إني أعلم ما ، إني أعلم غيب ، فاذكروني أذكركم ) ، وفي آل عمران ثنتان اجعل لي آية ، أني أخلق لكم من الطين ، وفي المائدة ثنتان إني أخاف ، لي أن أقول ، وفي الأنعام ثنتان إني أخاف ، إني أراك ، وفي الأعراف : ثنتان ( إني أخاف ، من بعدي أعجلتم ) ، وفي الأنفال ثنتان إني أرى ، إني أخاف ، وفي التوبة معي أبدا ، وفي يونس ثنتان لي أن أبدله ، إني أخاف ، وفي هود : إحدى عشرة فإني أخاف موضعان ولكني أراكم ، إني أعظك ، إني أعوذ بك ، فطرني أفلا ، ضيفي أليس ، إني أراكم ، شقاقي أن ، أرهطي أعز ، وفي يوسف ثلاث عشرة : ليحزنني أن ، ربي أحسن ، إني أراني أعصر ، إني أراني أحمل ، إني أرى سبع بقرات ، لعلي أرجع .

                                                          [ ص: 164 ] ، إني أنا أخوك ، يأذن لي أبي أو ، إني أعلم ، سبيلي أدعو ، وفي إبراهيم إني أسكنت ، وفي الحجر ثلاث نبئ عبادي أني ، وقل إني أنا ، وفي الكهف خمس ربي أعلم . بربي أحدا موضعان فعسى ربي أن ، من دوني أولياء ، وفي مريم ثلاث اجعل لي آية ، إني أعوذ ، إني أخاف ، وفي طه ست إني آنست ، لعلي آتيكم ، إني أنا ربك ، إنني أنا الله ، ويسر لي أمري : حشرتني أعمى ، وفي المؤمنون لعلي أعمل ، وفي الشعراء ثلاث إني أخاف موضعان ( و ربي أعلم ) ، وفي النمل ثلاث ( إني آنست ، أوزعني أن ، ليبلوني أأشكر ) ، وفي القصص تسع ربي أن يهديني ، إني آنست ; لعلي آتيكم ، إني أنا الله ، إني أخاف ، ربي أعلم بمن ; لعلي أطلع ، عندي أولم ، ربي أعلم من ، وفي يس إني آمنت ، وفي الصافات ثنتان إني أرى ، أني أذبحك ، وفي ص إني أحببت ، وفي الزمر ثنتان . إني أخاف ، تأمروني أعبد ، وفي غافر سبع ذروني أقتل ، إني أخاف ثلاثة مواضع لعلي أبلغ ، ما لي أدعوكم ، ادعوني أستجب لكم ، وفي الزخرف من تحتي أفلا ، وفي الدخان إني آتيكم ، وفي الأحقاف أربع أوزعني أن ، أتعدانني أن ، إني أخاف ولكني أراكم ، وفي الحشر إني أخاف ، وفي الملك ( معي ، أو رحمنا ) ، وفي نوح ثم إني أعلنت ، وفي الجن ربي أمدا ، وفي الفجر ثنتان ربي أكرمني ، ربي أهانني .

                                                          ( فاختلفوا ) في فتح الياء ، وإسكانها من هذه المواضع ففتح الياء منهن نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر . وأسكنها الباقون إلا أنهم اختلفوا في خمس وثلاثين ياء على غير هذا الاختلاف . فاختص ابن كثير بفتح ياءين منها ، وهما فاذكروني أذكركم في البقرة و ادعوني أستجب لكم في غافر . واختص هو و الأصبهاني بفتح ياء واحدة ، وهي ذروني أقتل في غافر ، واتفق ابن كثير ونافع وأبو جعفر على فتح أربع ياءات وهن حشرتني أعمى . في طه و ليجزي في يوسف ، و تأمروني في الزمر ، و أتعدانني في الأحقاف واتفق نافع وأبو عمرو وأبو جعفر على فتح ثمان ياءات وهن اجعل لي آية في آل عمران ومريم و ضيفي أليس .

                                                          [ ص: 165 ] في هود و إني أراني كلاهما في يوسف و يأذن لي أبي فيها أيضا و من دوني أولياء في الكهف ويسر لي أمري في طه . واتفق معهم البزي على فتح أربع ياءات وهن ولكني أراكم في هود والأحقاف و إني أراكم في هود ، و من تحتي أفلا في الزخرف . وانفرد الكارزيني عن الشطوي عن ابن شنبوذ عن قنبل بفتح تحتي أفلا فخالف سائر الرواة عنه واتفق نافع وأبو جعفر على فتح ياءين ، وهما سبيلي أدعو في يوسف ، و ليبلوني أأشكر في النمل واتفق معهما البزي على فتح فطرني أفلا في هود .

                                                          وانفرد أبو تغلب عبد الوهاب عن القاضي أبي الفرج عن ابن شنبوذ عن قنبل بفتحها فخالف سائر الرواة عن ابن شنبوذ ، وغيره . واتفق نافع وأبو جعفر وأبو عمرو أيضا على فتح عندي ، أولم في القصص . واختلف فيها عن ابن كثير ، فروى جمهور المغاربة ، والمصريين عنه الفتح من روايتيه . وهو الذي في التبصرة والتذكرة ، والهداية ، والهادي ، والتلخيصين ، والكافي ، والعنوان ، وغيرها . وهو ظاهر التيسير ، وهو الذي قرأ به الداني من روايتي البزي وقنبل إلا من طريق أبي ربيعة عنهما فالإسكان ، وقطع جمهور العراقيين للبزي بالإسكان ولقنبل بالفتح ، وهو الذي في المستنير والإرشاد والكفاية الكبرى ، والتجريد ، وغاية الاختصار ، وغيرها .

                                                          والإسكان عن قنبل من هذا الطريق عزيز . وقد قطع به سبط الخياط في كفايته من طريق ابن شنبوذ ، وفي مبهجه من طريق ابن شنبوذ ، وفي مبهجه من طريق ابن مجاهد . ولذلك قطع به أبو القاسم الهذلي له من هذين الطريقين ، وغيرهما . وهو رواية أبي ربيعة عنه ، وكذا روى عنه محمد بن الصباح وأبو الحسن بن بقرة ، وغيرهم .

                                                          وأطلق الخلاف عن ابن كثير أبو القاسم الشاطبي والصفراوي ، وغيرهما ، وكلاهما صحيح عنه ، غير أن الفتح عن البزي لم يكن من طريق الشاطبية ، والتيسير ، وكذلك الإسكان عن قنبل والله تعالى أعلم واتفق نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر على فتح لعلي حيث وقعت ، وذلك في ستة مواضع في يوسف وطه والمؤمنين وموضعي القصص ، وفي

                                                          [ ص: 166 ] غافر واتفق حفص مع الخمسة المذكورين على فتح معي في الموضعين : التوبة والملك ، وانفرد الهذلي عن الشذائي عن الرملي عن الصوري عن ابن ذكوان بإسكان موضعي القصص . وانفرد أيضا عن زيد عنه بإسكان موضع طه واتفق نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر وهشام ، على فتح ما لي أدعوكم في غافر ، واختلف عن ابن ذكوان فرواها الصوري كذلك . وهو الذي في الإرشاد والكفاية وغاية الاختصار ، والجامع لابن فارس والمستنير ، وغيرها . وهو رواية التغلبي وابن المعلى وابن الجنيد وابن أنس عن ابن ذكوان . ورواها الأخفش بالإسكان ، وهو الذي قطع به في العنوان ، والتجريد ، والتيسير والتذكرة ، والتبصرة ، والكافي ، وسائر المغاربة ، وبه قطع في المبهج من جميع طرقه ، وكلاهما صحيح عن ابن ذكوان .

                                                          واتفق نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر وابن ذكوان على فتح أرهطي أعز في هود . اختلف عن هشام فقطع الجمهور له بالفتح كذلك ، وهو الذي في المبهج وجامع الخياط والمستنير ، والكامل ، والكفاية الكبرى ، وسائر كتب العراقيين . وبه قرأ صاحب التجريد على غير عبد الباقي ، وهو طريق الداجوني فيه ، وبه قرأ الداني على شيخه أبي الفتح ، وهو من المواضع التي خرج فيها عن طريق التيسير ، وقطع بالإسكان له صاحب العنوان والتذكرة ، والتبصرة ، والتلخيصين ، والكافي ، والتيسير ، والشاطبية ، وسائر المغاربة ، والمصريين ، وهو اختيار الداني ، وقال : إنه هو الذي عليه العمل ، وذلك مع كونه قرأ بالفتح على أبي الفتح ، وبه قرأ صاحب التجريد على عبد الباقي يعني من طريق الحلواني ، والوجهان صحيحان والفتح أكثر وأشهر - والله أعلم - .

                                                          واختص البزي والأزرق عن ورش ، بفتح ياء أوزعني في النمل والأحقاف ، وانفرد بذلك الهذلي عن أبي نشيط فخالف سائر الناس ; والباقي من الياءات ، وهو أربع وستون ياء فهم فيها على أصولهم المذكورة في أول الفصل .

                                                          ( واتفقوا ) على إسكان أربع ياءات من هذا الفصل ، وهي أرني أنظر إليك في الأعراف ولا تفتني ألا في التوبة وترحمني أكن في هود

                                                          [ ص: 167 ] و فاتبعني أهدك في مريم ، فلم يأت عنهم فيها خلاف . فقيل للتناسب من حيث إنها وقعت بعد مسكن إجماعا وقيل غير ذلك . ( واتفقوا ) أيضا على فتح عصاي أتوكأ ، وإياي أتهلكنا ونحو بيدي أأستكبرت لضرورة الجمع بين الساكنين - والله أعلم - .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية