الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 361 ] الحديث التاسع والثلاثون عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما ، أن رسول صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=951475nindex.php?page=treesubj&link=24357_27620إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه . حديث حسن رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه والبيهقي وغيرهما .
هذا الحديث خرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، عن عطاء ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في " صحيحه " nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني ، وعندهما : عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، عن عطاء ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . وهذا إسناد صحيح في ظاهر الأمر ، ورواته كلهم محتج بهم في " الصحيحين " وقد خرجه الحاكم ، وقال : صحيح على شرطهما . كذا قال ، ولكن له علة ، وقد أنكره nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد جدا ، وقال : ليس يروى فيه إلا عن الحسن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا . وقيل لأحمد : إن nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم روى عن مالك ، عن نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مثله ، فأنكره أيضا . [ ص: 362 ] وذكر nindex.php?page=showalam&ids=11970لأبي حاتم الرازي حديث nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، وحديث مالك ، وقيل له : إن الوليد روى أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة عن nindex.php?page=showalam&ids=17183موسى بن وردان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، فقال أبو حاتم : هذه أحاديث منكرة كأنها موضوعة ، وقال : لم يسمع nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي هذا الحديث من عطاء ، وإنما سمعه من رجل لم يسمه ، أتوهم أنه nindex.php?page=showalam&ids=16447عبد الله بن عامر ، أو إسماعيل بن مسلم ، قال : ولا يصح هذا الحديث ، ولا يثبت إسناده . قلت : وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، عن عطاء ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير مرسلا من غير ذكر nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=14681يحيى بن سليم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=951476قال عطاء : بلغني أن رسول الله صلى عليه وسلم قال : إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه خرجه الجوزجاني ، وهذا المرسل أشبه . وقد ورد من وجه آخر عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مرفوعا رواه nindex.php?page=showalam&ids=14429مسلم بن خالد الزنجي عن سعيد العلاف ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=951477تجوز لأمتي عن ثلاث : عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه خرجه الجوزجاني . وسعيد العلاف : هو سعيد بن أبي صالح ، قال أحمد : هو مكي ، قيل له : كيف حاله ؟ قال : لا أدري وما علمت أحدا روى عنه غير nindex.php?page=showalam&ids=14429مسلم بن خالد ، قال أحمد : وليس هذا مرفوعا ، إنما هو عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قوله . نقل ذلك عنه nindex.php?page=showalam&ids=17163مهنا ، nindex.php?page=showalam&ids=14429ومسلم بن خالد ضعفوه . [ ص: 363 ] وروي من وجه ثالث من رواية nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية بن الوليد ، عن علي الهمداني ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11969أبي جمرة عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مرفوعا ، خرجه حرب ، ورواية nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية عن مشايخه المجاهيل لا تساوي شيئا . وروي من وجه رابع خرجه nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16357عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعبد الرحيم هذا ضعيف . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه أخر ، وقد تقدم أن nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم رواه عن مالك ، عن نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مرفوعا ، وصححه الحاكم وغربه ، وهو عند حذاق الحفاظ باطل على مالك ، كما أنكره nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وأبو حاتم ، وكانا يقولان عن الوليد : إنه كثير الخطأ . ونقل أبو عبيد الآجري عن أبي داود ، قال روى nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم عن مالك عشرة أحاديث ليس لها أصل ، منها عن نافع أربعة . قلت : والظاهر أن منها هذا الحديث ، والله أعلم . وخرجه الجوزجاني من رواية يزيد بن ربيعة سمعت أبا الأشعث يحدث عن nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=951478إن الله عز وجل تجاوز عن أمتي عن ثلاثة : عن الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه . ويزيد بن ربيعة ضعيف جدا . [ ص: 364 ] وخرج nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم من رواية أبي بكر الهذلي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12328أم الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : nindex.php?page=treesubj&link=24357_27620إن الله تجاوز لأمتي عن ثلاث : عن الخطأ والنسيان والاستكراه قال أبو بكر : فذكرت ذلك للحسن ، فقال أجل ، أما تقرأ بذلك قرآنا : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا [ البقرة : 286 ] . وأبو بكر الهذلي متروك الحديث . وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ، ولكن عنده عن شهر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر الغفاري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=951475إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ولم يذكر كلام الحسن . وأما الحديث المرسل عن الحسن ، فرواه عنه nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان ، ورواه منصور ، وعوف عن الحسن من قوله ، لم يرفعه ، ورواه جعفر بن جسر بن فرقد ، عن أبيه ، عن الحسن ، عن أبي بكرة مرفوعا ، وجعفر وأبوه ضعيفان . [ ص: 365 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=17032محمد بن نصر المروزي : ليس لهذا الحديث إسناد يحتج به حكاه البيهقي . وفي " صحيح مسلم " عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : لما نزل قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا [ البقرة : 286 ] قال الله : قد فعلت . وعن العلاء ، عن أبيه ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنها لما نزلت ، قال : نعم ، وليس واحد منهما مصرحا برفعه . وخرج nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من رواية nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن عطاء ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=951479إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ، وما أكرهوا عليه ، إلا أن يتكلموا به أو يعملوا ، وهو لفظ غريب . وقد خرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ولم يذكر الإكراه . وكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عن nindex.php?page=showalam&ids=17074مسعر ، عن قتادة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15917زرارة بن أوفى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وزاد فيه : nindex.php?page=hadith&LINKID=951480وما استكرهوا عليه خرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه . وقد أنكرت هذه الزيادة على nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ، ولم يتابعه عليها أحد . والحديث مخرج من رواية قتادة في " الصحيحين " والسنن والمسانيد بدونها . [ ص: 366 ] ولنرجع إلى شرح حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المرفوع ، فقوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=951481إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان إلى آخره تقديره : إن الله رفع لي عن أمتي الخطأ ، أو ترك ذلك عنهم ، فإن " تجاوز " لا يتعدى بنفسه . وقوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=951482الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه . فأما nindex.php?page=treesubj&link=24357الخطأ والنسيان ، فقد صرح القرآن بالتجاوز عنهما ، قال الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا [ البقرة : 286 ] ، وقال : nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم [ الأحزاب : 5 ] . وفي " الصحيحين " عن nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=951483إذا حكم الحاكم ، فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ ، فله أجر . وقال الحسن : لولا ما ذكر الله من أمر هذين الرجلين - يعني داود وسليمان - لرأيت أن القضاة قد هلكوا ، فإنه أثنى على هذا بعمله ، وعذر هذا باجتهاده : يعني قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=78وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم [ الأنبياء : 78 ] الآية . وأما nindex.php?page=treesubj&link=27620الإكراه فصرح القرآن أيضا بالتجاوز عنه ، قال تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان [ النحل : 106 ] ، وقال تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة [ آل عمران : 28 ] الآية .
ونحن نتكلم إن شاء الله في هذا الحديث في فصلين : أحدهما في nindex.php?page=treesubj&link=24357حكم الخطأ والنسيان ، والثاني في حكم الإكراه . [ ص: 367 ] الفصل الأول في الخطأ والنسيان الخطأ : هو أن يقصد بفعله شيئا ، فيصادف فعله غير ما قصده ، مثل أن يقصد قتل كافر ، فيصادف قتله مسلما . والنسيان : أن يكون ذاكرا لشيء ، فينساه عند الفعل ، وكلاهما معفو عنه ، بمعنى أنه لا إثم فيه ، ولكن رفع الإثم لا ينافي أن يترتب على نسيانه حكم . كما أن من nindex.php?page=treesubj&link=1335نسي الوضوء ، وصلى ظانا أنه متطهر ، فلا إثم عليه بذلك ، ثم إن تبين أنه كان قد صلى محدثا فإن عليه الإعادة . ولو nindex.php?page=treesubj&link=33ترك التسمية على الوضوء نسيانا ، وقلنا بوجوبها ، فهل يجب عليه إعادة الوضوء ؟ فيه روايتان عن nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد . وكذا لو nindex.php?page=treesubj&link=16977ترك التسمية على الذبيحة نسيانا ، فيه عنه روايتان ، وأكثر الفقهاء على أنها تؤكل . ولو nindex.php?page=treesubj&link=1408ترك الصلاة نسيانا ثم ذكر ، فإن عليه القضاء ، كما قال صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=951484من نام عن صلاة أو نسيها ، فليصلها إذا ذكرها ، لا كفارة لها إلا ذلك ثم تلا : nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=14وأقم الصلاة لذكري [ طه : 14 ] . ولو nindex.php?page=treesubj&link=1647صلى حاملا في صلاته نجاسة لا يعفى عنها ، ثم علم بها بعد صلاته أو في أثنائها فأزالها فهل يعيد صلاته أم لا ؟ فيه قولان ، هما روايتان عن أحمد ، [ ص: 368 ] وقد روي nindex.php?page=hadith&LINKID=951485عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خلع نعليه في صلاته وأتمها ، وقال : إن جبريل أخبرني أن فيهما أذى ولم يعد صلاته . ولو nindex.php?page=treesubj&link=1588تكلم في صلاته ناسيا أنه في صلاة ، ففي بطلان صلاته بذلك قولان مشهوران ، هما روايتان عن أحمد ، ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أنها لا تبطل بذلك . ولو nindex.php?page=treesubj&link=2430أكل في صومه ناسيا ، فالأكثرون على أنه لا يبطل صيامه ، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=951486من أكل أو شرب ناسيا فليتم صومه ، فإنما أطمعه الله وسقاه . وقال مالك : عليه الإعادة ، لأنه بمنزلة من ترك الصلاة ناسيا ، والجمهور يقولون : قد أتى بنية الصيام ، وإنما ارتكب بعض محظوراته ناسيا ، فيعفى عنه . ولو nindex.php?page=treesubj&link=2430_2520جامع ناسيا ، فهل حكمه حكم الآكل ناسيا أم لا ؟ فيه قولان : أحدهما : - وهو المشهور عن أحمد - أنه يبطل صيامه بذلك وعليه القضاء ، وفي الكفارة عنه روايتان . والثاني : لا يبطل صومه بذلك كالأكل ، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وحكي رواية عن أحمد . وكذا الخلاف في nindex.php?page=treesubj&link=3466الجماع في الإحرام ناسيا : هل يبطل به النسك أم لا ؟ . ولو nindex.php?page=treesubj&link=16501_16500_16502حلف لا يفعل شيئا ، ففعله ناسيا ليمينه ، أو مخطئا ظانا أنه غير المحلوف عليه ، فهل يحنث في يمينه أم لا ؟ فيه ثلاثة أقوال هي ثلاث روايات عن أحمد : أحدها : لا يحنث بكل حال ، ولو كانت اليمين بالطلاق والعتاق ، وأنكر هذه [ ص: 369 ] الرواية عن أحمد الخلال ، وقال : هي سهو من ناقلها ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في أحد قوليه ، وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة ، وروي عن عطاء ، قال إسحاق : ويستخلف أنه كان ناسيا ليمينه . والثاني : يحنث بكل حال ، وهو قول جماعة من السلف ومالك . والثالث : يفرق بين أن يكون يمينه بطلاق أو عتاق ، أو بغيرهما وهو المشهور عن أحمد ، وقول أبي عبيد ، وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي في الطلاق ، وقال : إنما الحديث الذي جاء في العفو عن الخطأ والنسيان ما دام ناسيا ، وأقام على امرأته ، فلا إثم عليه ، فإذا ذكر ، فعليه اعتزال امرأته ، فإن نسيانه قد زال . وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي إجماع التابعين على nindex.php?page=treesubj&link=11770وقوع الطلاق بالناسي . ولو nindex.php?page=treesubj&link=23618_9311قتل مؤمنا خطأ ، فإن عليه الكفارة والدية بنص الكتاب ، وكذا لو nindex.php?page=treesubj&link=9916أتلف مال غيره خطأ يظنه أنه مال نفسه . وكذا قال الجمهور في nindex.php?page=treesubj&link=3447المحرم يقتل الصيد خطأ ، أو ناسيا لإحرامه أن عليه جزاءه ، ومنهم من قال : لا جزاء عليه إلا أن يكون متعمدا لقتله تمسكا بظاهر قوله عز وجل : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم الآية [ المائدة : 95 ] ، وهو رواية عن أحمد ، وأجاب الجمهور عن الآية بأنه رتب على قتله متعمدا الجزاء وانتقام الله تعالى ، ومجموعهما يختص بالعامد ، وإذا انتفى العمد انتفى الانتقام ، وبقي الجزاء ثابتا بدليل آخر . والأظهر - والله أعلم - أن الناسي والمخطئ إنما عفي عنهما بمعنى رفع الإثم عنهما ، لأن الإثم مرتب على المقاصد والنيات ، والناسي والمخطئ لا قصد لهما ، فلا إثم عليهما ، وأما رفع الأحكام عنهما فليس مرادا من هذه النصوص ، فيحتاج في ثبوتها ونفيها إلى دليل آخر .
[ ص: 370 ] الفصل الثاني . في nindex.php?page=treesubj&link=27620حكم المكره . وهو نوعان : أحدهما : من لا اختيار له بالكلية ، ولا قدرة له على الامتناع ، كمن nindex.php?page=treesubj&link=16501_24889حمل كرها وأدخل إلى مكان حلف على الامتناع من دخوله ، أو حمل كرها ، وضرب به غيره حتى مات ذلك الغير ، ولا قدرة له على الامتناع ، أو nindex.php?page=treesubj&link=10355_24889_16501أضجعت ، ثم زني بها من غير قدرة لها على الامتناع ، فهذا لا إثم عليه بالاتفاق ، ولا يترتب عليه حنث في يمينه عند جمهور العلماء . وقد حكي عن بعض السلف - كالنخعي - فيه خلاف ، ووقع مثله في كلام بعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأحمد ، والصحيح عندهم أنه لا يحنث بحال . وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي في nindex.php?page=treesubj&link=16501_24889امرأة حلفت على شيء ، وأحنثها زوجها كرها أن كفارتها عليه ، وعن أحمد رواية كذلك ، فيما إذا nindex.php?page=treesubj&link=2521_24889_3466وطئ امرأته مكرهة في صيامها أو إحرامها أن كفارتها عليه . والمشهور عنه أنه يفسد بذلك صومها وحجها . والنوع الثاني : من nindex.php?page=treesubj&link=24889أكره بضرب أو غيره حتى فعل ، فهذا الفعل يتعلق به التكليف ، فإنه يمكنه أن لا يفعل فهو مختار للفعل ، لكن ليس غرضه نفس الفعل ، بل دفع الضرر عنه ، فهو مختار من وجه ، غير مختار من وجه ، ولهذا اختلف الناس : هل هو مكلف أم لا ؟ [ ص: 371 ] واتفق العلماء على أنه لو nindex.php?page=treesubj&link=27177_24889أكره على قتل معصوم لم يبح له أن يقتله ، فإنه إنما يقتله باختياره افتداء لنفسه من القتل ، هذا إجماع من العلماء المعتد بهم ، وكان في زمنnindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد يخالف فيه من لا يعتد به ، فإذا قتله في هذه الحال ، فالجمهور على أنهما يشتركان في وجوب القود : المكره والمكره ؟ لاشتراكهما في القتل ، وهو قول مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في المشهور وأحمد ، وقيل : يجب على المكره وحده ، لأن المكره صار كالآلة ، وهو قول أبي حنيفة وأحد قولي nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وروي عن زفر كالأول ، وروي عنه أنه يجب على المكره لمباشرته ، وليس هو كالآلة ، لأنه آثم بالاتفاق ، وقال أبو يوسف : لا قود على واحد منهما ، وخرجه بعض أصحابنا وجها لنا من الرواية لا توجب فيها nindex.php?page=treesubj&link=9164قتل الجماعة بالواحد ، وأولى . ولو nindex.php?page=treesubj&link=24889أكره بالضرب ونحوه على إتلاف مال الغير المعصوم ، فهل يباح له ذلك ؟ فيه وجهان لأصحابنا . فإن قلنا : يباح له ذلك ، فضمنه المالك ، رجع بما ضمنه على المكره ، وإن قلنا : لا يباح له ذلك ، فالضمان عليهما معا كالقود . وقيل : على المباشر المكره وحده وهو ضعيف .
ولو nindex.php?page=treesubj&link=24889_17194أكره على شرب الخمر أو غيره من الأفعال المحرمة ، ففي إباحته قولان : أحدهما : يباح له ذلك استدلالا بقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم [ النور : 33 ] ، وهذه نزلت في عبد الله بن أبي ابن سلول ، كانت له أمتان يكرههما على الزنا ، وهما يأبيان ذلك ، وهذا قول الجمهور nindex.php?page=showalam&ids=13790كالشافعي ، وأبي حنيفة ، وهو المشهور عن أحمد ، وروي نحوه عن الحسن ومكحول ، ومسروق وعن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ما يدل عليه . [ ص: 372 ] وأهل هذه المقالة اختلفوا في nindex.php?page=treesubj&link=24889_10355إكراه الرجل على الزنا ، فمنهم من قال : لا يصح إكراهه عليه ، ولا إثم عليه ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وابن عقيل من أصحابنا ، ومنهم من قال : لا يصح إكراهه عليه ، وعليه الإثم والحد ، وهو قول أبي حنيفة ومنصوص أحمد ، وروي عن الحسن . والقول الثاني : إن nindex.php?page=treesubj&link=27271التقية إنما تكون في الأقوال ، ولا تقية في الأفعال ، ولا إكراه عليها ، روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وأبي العالية ، وأبي الشعثاء ، nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ، والضحاك ، وهو رواية عن أحمد ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون أيضا . وعلى هذا لو nindex.php?page=treesubj&link=24889_17194_10112شرب الخمر أو سرق مكرها ، حد . وعلى الأول لو nindex.php?page=treesubj&link=17194_24889شرب الخمر مكرها ، ثم طلق أو أعتق ، فهل يكون حكمه حكم المختار لشربها أم لا ؟ بل يكون طلاقه وعتاقه لغوا ؟ فيه لأصحابنا وجهان ، وروي عن الحسن فيمن nindex.php?page=treesubj&link=24889قيل له : اسجد لصنم وإلا قتلناك ، قال : إن كان الصنم تجاه القبلة فليسجد ، ويجعل نيته لله ، وإن كان إلى غير القبلة فلا يفعل وإن قتلوه ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13057ابن حبيب المالكي : وهذا قول حسن . قال ابن عطية : وما يمنعه أن يجعل نيته لله ، وإن كان لغير القبلة ، وفي كتاب الله : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115فأينما تولوا فثم وجه الله [ البقرة : 115 ] ، وفي الشرع إباحة nindex.php?page=treesubj&link=17814التنفل للمسافر إلى غير القبلة ؟ وأما nindex.php?page=treesubj&link=24889الإكراه على الأقوال ، فاتفق العلماء على صحته ، وأن من nindex.php?page=treesubj&link=24889أكره على قول محرم إكراها معتبرا أن له أن يفتدي نفسه به ، ولا إثم عليه ، وقد دل عليه قول الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان [ النحل : 106 ] 0 وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمار : وإن عادوا فعد . وكان المشركون قد عذبوه حتى يوافقهم [ ص: 373 ] على ما يريدونه من الكفر ، ففعل . وأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وصى طائفة من أصحابه ، وقال : لا تشركوا بالله وإن قطعتم وحرقتم ، فالمراد الشرك بالقلوب ، كما قال تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=15وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما [ لقمان : 15 ] ، وقال تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله [ النحل : 105 ] . [ ص: 374 ] وسائر الأقوال يتصور عليها الإكراه ، فإذا nindex.php?page=treesubj&link=24888_24889أكره بغير حق على قول من الأقوال ، لم يترتب عليه حكم من الأحكام ، وكان لغوا ، فإن كلام المكره صدر منه وهو غير راض به ، فلذلك عفي عنه ، ولم يؤاخذ به في أحكام الدنيا والآخرة . وبهذا فارق الناسي والجاهل ، وسواء في ذلك العقود : كالبيع والنكاح ، أو الفسوخ : كالخلع والطلاق والعتاق ، وكذلك الأيمان والنذور ، وهذا قول جمهور العلماء ، وهو قول مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأحمد . وفرق أبو حنيفة بين ما يقبل الفسخ عنده ، ويثبت فيه الخيار كالبيع ونحوه ، فقال : لا يلزم مع الإكراه ، وما ليس كذلك ، كالنكاح والطلاق والعتاق والأيمان ، فألزم بها مع الإكراه . ولو nindex.php?page=treesubj&link=24889_16501حلف : لا يفعل شيئا ، ففعله مكرها ، فعلى قول أبي حنيفة يحنث ، وأما على قول الجمهور ، ففيه قولان : أحدهما : يحنث ، كما يحنث إذا فعل به ذلك كرها ، ولم يقدر على الامتناع كما سبق ، وهذا قول الأكثرين منهم . والثاني : يحنث هاهنا ، لأنه فعله باختياره بخلاف ما إذا حمل ولم يمكنه الامتناع ، وهو رواية عن أحمد وقول nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ، ومن أصحابه - وهو القفال - من فرق بين اليمين بالطلاق والعتاق وغيرهما كما قلنا نحن في الناسي ، وخرجه بعض أصحابنا وجها لنا .
ولو nindex.php?page=treesubj&link=24889_28260أكره على أداء ماله بغير حق ، فباع عقاره ليؤدي ثمنه ، فهل يصح الشراء منه أم لا ؟ فيه روايتان عن أحمد ، وعنه رواية ثالثة : إن باعه بثمن المثل اشتري منه ، وإن باعه بدونه لم يشتر منه ، ومتى nindex.php?page=treesubj&link=28260_24889رضي المكره بما أكره عليه لحدوث رغبة له فيه بعد الإكراه ، والإكراه قائم ، صح ما صدر منه من العقود وغيرها بهذا القصد . هذا هو المشهور عند أصحابنا ، وفيه وجه آخر : أنه لا يصح أيضا ، وفيه بعد . [ ص: 375 ] وأما nindex.php?page=treesubj&link=24889_24888الإكراه بحق ، فهو غير مانع من لزوم ما أكره عليه ، فلو nindex.php?page=treesubj&link=24888_24889أكره الحربي على الإسلام فأسلم ، صح إسلامه ، وكذا لو nindex.php?page=treesubj&link=24888_24889أكره الحاكم أحدا على بيع ماله ليوفي دينه ، أو nindex.php?page=treesubj&link=24889_24888أكره المؤلي بعد مدة الإيلاء وامتناعه من الفيئة على الطلاق ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=24888_24889حلف لا يوفي دينه فأكرهه الحاكم على وفائه ، فإنه يحنث بذلك ، لأنه فعل ما حلف عليه حقيقة على وجه يعذر فيه . ذكره أصحابنا بخلاف ما إذا امتنع من الوفاء ، فأدى عنه الحاكم ، فإنه يحنث ، لأنه لم يوجد منه فعل المحلوف عليه .