الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          وإذا تزوج بكرا أقام عندها سبعا ، ثم دار ، وإن كانت ثيبا أقام عندها ثلاثا ، فإن أحبت أن يقيم عندها سبعا ، فعل ، وقضاهن للبواقي ، وإن زفت إليه امرأتان ، قدم السابقة منهما ، ثم أقام عند الأخرى ، ثم دار ، فإن زفتا معا ، قدم إحداهن بالقرعة ، ثم أقام عند الأخرى ، وإن أراد السفر ، فخرجت القرعة لإحداهما ، سافر بها ، ودخل حق العقد في قسم السفر ، فإذا قدم ، بدأ بالأخرى فوفاها حق العقد ، وإذا طلق إحدى نسائه في ليلتها أتم ، فإن تزوجها بعد ، قضى لها ليلتها ، وله أن يخرج في نهار ليل القسم لمعاشه ، وقضاء حقوق الناس .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          ( وإذا تزوج بكرا أقام عندها سبعا ، ثم دار ، وإن كانت ثيبا أقام عندها ثلاثا ) ; لما روى أبو قلابة ، عن أنس ، قال : من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعا ، وقسم ، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا ثم قسم قال أبو قلابة : لو شئت لقلت : إن أنسا رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - متفق عليه ، ولفظه للبخاري ، وخصت البكر بزيادة; لأن حياءها أكثر ، والثلاث مدة مغتفرة في الشرع والسبع; لأنها أيام الدنيا ، وما زاد عليها يتكرر ، وحينئذ يقطع الدور ( فإن أحبت ) وقيل : أو هو ( أن يقيم عندها سبعا فعل وقضاهن للبواقي ) ; لما روت أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما تزوجها أقام عندها ثلاثا ، وقال : [ ص: 212 ] إنه ليس بك هوان على أهلك ، وإن شئت سبعت لك ، وإن سبعت لك سبعت لنسائي رواه مسلم ، قال ابن عبد البر : والأحاديث المرفوعة على ذلك ، وليس مع من خالف حديث مرفوع ، والحجة مع من أدلى بالسنة ، وفي " الروضة " : الفاضل للبقية ، والمذهب أن يقضي السبع; لأنها اختارتها ، فسقط حقها ، وظاهره : أن الأمة كالحرة ، ونصره في الشرح وغيره; لعموم الأحاديث; ولأنها تراد للأنس وإزالة الاحتشام ، فاستويا فيه كالنفقة ، وقيل : هي على نصف الحرة كسائر القسم .

                                                                                                                          ( وإن زفت إليه امرأتان ) في ليلة واحدة ، أو في حق عقد واحدة كره ذلك; لأنه لا يمكن الجمع بينهما في إيفاء حقهما ، وتستضر التي يؤخر حقها وتستوحش ( قدم السابقة منهما ) دخولا; لأن حقها سابق ( ثم أقام عند الأخرى ) ; لأن حقها واجب عليه ، ترك العمل به في المدة الأولى; لأنه عارضه ، ورجح عليه ، فإذا زال العارض وجب العمل بالمقتضى ( ثم دار ) ليأتي بالواجب عليه من حق الدور ( فإن زفتا معا قدم إحداهن بالقرعة ) ; لأنهما استويا في سبب الاستحقاق ، والقرعة مرجحة عند التساوي ، وفي " التبصرة " : يبدأ بالسابقة بالعقد وإلا أقرع ( ثم أقام عند الأخرى ) ; لما ذكرنا ( وإن أراد السفر ، فخرجت القرعة لإحداهما ، سافر بها ، ودخل حق العقد في قسم السفر ) ; لأنه نوع قسم يختص بها ( فإذا قدم بدأ بالأخرى فوفاها حق العقد ) في الأصح; لأنه حق وجب لها قبل سفره لم يؤده ، فلزمه قضاؤه ، كما لو لم يسافر بالأخرى معه .

                                                                                                                          [ ص: 213 ] والثاني : لا يقضيه لئلا يكون تفضيلا لها على التي سافر بها ، ولأن الإيواء في الحضر أكثر ، فيتعذر قضاؤه ، وقيل : يستأنف قضاء العقد لكل منهما ، ولا يحتسب على المسافرة بمدة سفرها كما لا يحتسب به عليها فيما عدا حق العقد ، قال في " المغني " و " الشرح " : وهذا أقرب إلى الصواب من إسقاط حق العقد الواجب بالشرع بغير مسقط ، فإن قدم من سفره قبل مدة ينقضي فيها حق عقد الأولى أتمه في الحضر ، وقضى للحاضرة مثله وجها واحدا .

                                                                                                                          ( وإذا طلق إحدى نسائه في ليلتها أتم ) ; لأنه فوت حقها الواجب لها ( فإن تزوجها بعد ) أي : عادت إليه برجعة أو نكاح ( قضى لها ليلتها ) ; لأنه قدر على إيفاء حقها فلزمه كالمعسر إذا أيسر بالدين .

                                                                                                                          فائدة : يجوز بناء الرجل بامرأته في السفر وركوبها معه على دابة بين الجيش; لفعله - صلى الله عليه وسلم - بصفية بنت حيي ، قاله بعض أصحابنا .

                                                                                                                          ( وله أن يخرج في نهار ليل القسم لمعاشه وقضاء حقوق الناس ) ; لقوله تعالى وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا [ النبأ : 11 ] وحكم الثلاثة والسبعة التي يقيمها عند المزفوفة حكم سائر القسم ، فإن تعذر عليه المقام عندها ليلا ، لشغل أو حبس أو ترك ذلك لغير عذر ، قضاه لها وله الخروج إلى صلاة الجماعة وإلى ما لا بد لهما منه ، فإن أطال قضاه ، ولا يقضي اليسير .

                                                                                                                          فرع : قسم لاثنتين من ثلاث ، ثم يجدد حق رابعة ، فإن رجعت في هبة أو عن نشوز أو نكاح وفاها حق عقده ، ثم ربع الزمن المستقبل للرابعة ، [ ص: 214 ] وبقيته للثالثة ، فإذا كمل الحق استأنف التسوية ، ولو بات ليلة عند إحدى امرأتيه ثم نكح وفاها حق عقده ، ثم ليلة للمظلومة ، ثم نصف ليلة للثالثة ، ثم يبتدئ ، واختار المؤلف : لا يبيت نصفها بل ليلة; لأنه حرج ، وفي " الترغيب " : لو أبان المظلومة ، ثم نكحها وقد نكح جديدات - تعذر القضاء .




                                                                                                                          الخدمات العلمية