الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (119) قوله : وأنك لا تظمأ : قرأ نافع وأبو بكر و "إنك" بكسر الهمزة. والباقون بفتحها. فمن كسر فيجوز أن يكون ذلك استئنافا، وأن يكون نسقا على "إن" الأولى. ومن فتح فلأنه عطف مصدرا مؤولا على اسم "إن" الأولى. والخبر "لك" المتقدم. والتقدير: إن لك عدم الجوع وعدم العري وعدم الظمأ والضحا. وجاز أن تكون "أن" بالفتح اسما لـ "إن" بالكسر للفصل بينهما، ولولا ذلك لم يجز. لو قلت: "إن أن زيدا قائم حق" لم يجز فلما فصل بينهما جاز. وتقول: "إن عندي أن زيدا قائم" فـ "عندي" هو الخبر قدم على الاسم وهو "أن" وما في تأويلها لكونه ظرفا، والآية من هذا القبيل; إذ التقدير: وإن لك أنك لا تظمأ. وقال الزمخشري: "فإن قلت: "إن" لا تدخل على "أن" فلا يقال: "إن أن زيدا منطلق"، والواو نائبة عن "أن"، وقائمة مقامها فلم دخلت عليها؟ قلت: الواو لم توضع لتكون أبدا نائبة عن "أن" إنما هي نائبة عن كل عامل، فلما لم تكن حرفا موضوعا للتحقيق خاصة كـ "إن" لم يمتنع اجتماعهما كما [امتنع اجتماع] إن وأن".

                                                                                                                                                                                                                                      وضحى يضحى أي: برز للشمس. قال عمر بن أبي ربيعة:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 114 ]

                                                                                                                                                                                                                                      3326 - رأت رجلا أيما إذا الشمس عارضت فيضحى وأيما بالعشي فيخصر



                                                                                                                                                                                                                                      وذكر الزمخشري هنا معنى حسنا في كونه تعالى ذكر هذه الأشياء بلفظ النفي، دون أن يذكر أضدادها بلفظ الإثبات. فيقول: إن لك الشبع والكسوة والري والاكتنان في الظل فقال: "وذكرها بلفظ النفي لنقائضها التي هي الجوع والعري والظمأ والضحو ليطرق سمعه بأسامي أصناف الشقوة التي حذره منها حتى يتحامى السبب الموقع فيها كراهة لها.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية