الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب لا يجتمع المتلاعنان أبدا 2904 - ( عن ابن عمر قال { : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين : حسابكما على الله أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها ، قال : يا رسول الله مالي ؟ قال : لا مال لك ، إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها ، وإن كنت كذبت عليها فذلك أبعد لك منها } متفق عليه . وهو حجة في أن كل فرقة بعد الدخول لا تؤثر في إسقاط المهر )

                                                                                                                                            2905 - ( وعن سهل بن سعد في خبر المتلاعنين قال { : فطلقها ثلاث تطليقات ، فأنفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان ما صنع عند النبي صلى الله عليه وسلم سنة ، قال سهل : حضرت هذا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فمضت السنة بعد في المتلاعنين أن يفرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدا } . رواه أبو داود ) .

                                                                                                                                            2906 - وعن سهل بن سعد في قصة المتلاعنين : { ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وقال : لا يجتمعان أبدا } .

                                                                                                                                            2907 - وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبدا } . [ ص: 322 ]

                                                                                                                                            2908 - وعن علي قال { : مضت السنة في المتلاعنين أن لا يجتمعا أبدا } .

                                                                                                                                            2909 - ( وعن علي وابن مسعود قالا { : مضت السنة أن لا يجتمع المتلاعنان } . رواهن الدارقطني ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث سهل بن سعد الأول سكت عنه أبو داود والمنذري ، ورجاله رجال الصحيح . وحديثه الثاني في إسناده عياض بن عبد الله قال في التقريب : فيه لين ولكنه قد أخرج له مسلم . وحديث ابن عباس أخرج نحوه أبو داود في قصة طويلة في إسنادها عباد بن منصور وفيه مقال . وحديث علي وابن مسعود أخرجهما أيضا عبد الرزاق وابن أبي شيبة .

                                                                                                                                            وفي الباب عن عمر نحو حديثهما أخرجه أيضا عبد الرزاق وابن أبي شيبة . قوله : ( أحدكما كاذب ) قال عياض : إنه قال هذا الكلام بعد فراغهما من اللعان ، فيؤخذ منه عرض التوبة على المذنب بطريق الإجمال وأنه يلزم من كذب التوبة من ذلك . وقال الداودي : قال ذلك قبل اللعان تحذيرا لهما منه ، قال الحافظ : والأول أظهر ، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك . قوله : ( لا سبيل لك عليها ) فيه دليل على أن المرأة تستحق ما صار إليها من المهر بما استحل الزوج من فرجها ، وقد تقدم أن هذه الصيغة تقتضي العموم لأنها نكرة في سياق النفي ، وأراد بقوله : " مالي " الصداق الذي سلمه إليها ، يريد أن يرجع به عليها ، فأجابه صلى الله عليه وسلم بأنها قد استحقته بذلك السبب ، وأوضح له استحقاقها له بذلك التقسيم على فرض صدقه وعلى فرض كذبه ; لأنه مع الصدق قد استوفى منها ما يوجب استحقاقها له ، وعلى فرض كذبه كذلك مع كونه قد ظلمها برميها بما رماها به

                                                                                                                                            وهذا مجمع عليه في المدخولة . وأما في غيرها ; فذهب الجمهور إلى أنها تستحق النصف كغيرها من المطلقات قبل الدخول . وقال حماد والحكم وأبو الزناد : إنها تستحقه جميعه . وقال الزهري ومالك : لا شيء لها . قوله : ( فطلقها ) قد تقدم الكلام عليه . قوله : ( لا يجتمعان أبدا ) فيه دليل على تأبيد الفرقة . وإليه ذهب الجمهور .

                                                                                                                                            وروي عن أبي حنيفة ومحمد أن اللعان لا يقتضي التحريم المؤبد لأنه طلاق زوجة مدخولة بغير عوض لم ينو به التثليث فيكون كالرجعي . ولكن المروي عن أبي حنيفة أنها إنما تحل له إذا أكذب نفسه لا إذا لم يكذب نفسه فإنه يوافق الجمهور كما ذكره صاحب الهدي عنه وعن محمد وسعيد بن المسيب . والأدلة الصحيحة الصريحة قاضية بالتحريم المؤبد وكذا أقوال الصحابة ، وهو الذي يقتضيه حكم اللعان ولا يقتضي سواه ، فإن لعنة الله وغضبه قد حلت بأحدهما لا محالة ، وقد وقع الخلاف هل اللعان فسخ أو طلاق ؟ فذهب الجمهور إلى أنه فسخ ، وذهب أبو حنيفة [ ص: 323 ] ورواية عن محمد إلى أنه طلاق .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية