الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله قد بينا سببه في نزول السورة لووا رءوسهم وقرأ نافع، والمفضل عن عاصم، ويعقوب: "لووا" بالتخفيف . واختار أبو عبيدة التشديد . وقال: لأنهم فعلوا ذلك مرة بعد مرة . قال مجاهد: لما قيل لعبد الله بن أبي: تعال يستغفر لك رسول الله لوى رأسه، قال: ماذا قلت؟ وقال مقاتل: عطفوا رؤوسهم رغبة عن الاستغفار . وقال الفراء: حركوها استهزاء بالنبي وبدعائه .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ورأيتهم يصدون أي: يعرضون عن الاستغفار . وهم مستكبرون أي: متكبرون عن ذلك . ثم ذكر أن استغفاره لهم لا ينفعهم بقوله تعالى: سواء عليهم أستغفرت لهم وقرأ أبو جعفر : ( آستغفرت ) بالمد .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله قد بينا أنه قول ابن أبي . و ينفضوا بمعنى: يتفرقوا . ولله خزائن السماوات والأرض قال المفسرون: خزائن السموات: المطر، وخزائن الأرض: النبات . والمعنى: أنه هو الرزاق لهؤلاء المهاجرين، لا أولئك، ولكن المنافقين [ ص: 277 ] لا يفقهون أي: لا يعلمون أن الله رازقهم في حال إنفاق هؤلاء عليهم يقولون لئن رجعنا من هذه الغزوة . وقد تقدم ذكرها وهذا قول ابن أبي ليخرجن الأعز يعني: نفسه، وعنى بـ الأذل رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقرأ الحسن: ( لنخرجن ) بالنون مضمومة وكسر الراء، ( الأعز ) بنصب الزاي [والأذل منصوب] على الحال [بناء على جواز تعريف الحال، أو زيادة "أل" فيه، أو بتقدير "مثل"] . المعنى: لنخرجنه ذليلا على أي حال ذل . والكل نصبوا "الأذل" فرد الله عز وجل عليه فقال: ولله العزة وهي: المنعة والقوة ولرسوله وللمؤمنين بإعزاز الله ونصره إياهم ولكن المنافقين لا يعلمون ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية