الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب غسل المني من الثوب

                                                                                                          117 حدثنا أحمد بن منيع قال حدثنا أبو معاوية عن عمرو بن ميمون بن مهران عن سليمان بن يسار عن عائشة أنها غسلت منيا من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وفي الباب عن ابن عباس وحديث عائشة أنها غسلت منيا من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بمخالف لحديث الفرك لأنه وإن كان الفرك يجزئ فقد يستحب للرجل أن لا يرى على ثوبه أثره قال ابن عباس المني بمنزلة المخاط فأمطه عنك ولو بإذخرة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن سليمان بن يسار ) الهلالي المدني مولى ميمونة وقيل أم سلمة ثقة فاضل أحد الفقهاء السبعة ، من كبار الثالثة مات بعد المائة وقيل قبلها .

                                                                                                          قوله : ( أنها غسلت منيا من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) استدل بهذا الحديث من قال بنجاسة المني وأجاب القائلون بطهارته بأنه محمول على الاستحباب ، وللقائلين بالنجاسة دلائل أخرى ذكرها صاحب آثار السنن وقد ذكرنا ما فيها من الكلام في كتابنا أبكار المنن وإن شئت الوقوف على أدلة الفريقين مع ما لها وما عليها فارجع إليه .

                                                                                                          [ ص: 320 ] قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) أخرجه الأئمة الستة .

                                                                                                          قوله : ( حديث عائشة أنها غسلت منيا من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بمخالف لحديث الفرك إلخ ) قال الحافظ في فتح الباري : وليس بين حديث الغسل وحديث الفرك تعارض لأن الجمع بينهما واضح على القول بطهارة المني بأن يحمل الغسل على الاستحباب للتنظيف لا على الوجوب وهذه طريقة الشافعي وأحمد وأصحاب الحديث ، وكذا الجمع ممكن على القول بنجاسته بأن يحمل الغسل على ما كان رطبا والفرك على ما كان يابسا ، وهذه طريقة الحنفية ، والطريقة الأولى أرجح لأن فيها العمل بالخبر والقياس معا لأنه لو كان نجسا لكان القياس وجوب غسله دون الاكتفاء بفركه كالدم وغيره وهم لا يكتفون فيما لا يعفى عنه من الدم بالفرك ويرد الطريقة الثانية أيضا ما في رواية ابن خزيمة من طريق أخرى عن عائشة كانت تسلت المني من ثوبه بعرك الإذخر ثم يصلي فيه ويحكه من ثوبه يابسا ثم يصلي فيه فإنه يتضمن ترك الغسل في الحالتين ، وأما مالك فلم يعرف العرك وقال : إن العمل عندهم على وجوب الغسل كسائر النجاسات ، وحديث الفرك حجة عليهم . انتهى كلام الحافظ .

                                                                                                          قوله : ( قال ابن عباس المني بمنزلة المخاط فأمطه ) من الإماطة وهي الإزالة ( ولو بإذخرة ) بكسر الهمزة وسكون الذال المعجمة وكسر الخاء حشيش طيب الريح ، وأثر ابن عباس هذا أخرجه البيهقي في المعرفة وقال هذا هو الصحيح موقوف ، وقد روي عن شريك عن ابن أبي ليلى عن عطاء مرفوعا ولا يثبت كذا في نصب الراية .




                                                                                                          الخدمات العلمية