الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 211 ] وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا

                                                                                                                                                                                                                                      وإذ اعتزلتموهم أي: فارقتموهم في الاعتقاد، أو أردتم الاعتزال الجسماني. وما يعبدون إلا الله عطف على الضمير المنصوب، وما موصولة أو مصدرية، أي: إذ اعتزلتموهم ومعبوديهم إلا الله، أو وعبادتهم إلا عبادة الله، وعلى التقديرين فالاستثناء متصل على تقدير كونهم مشركين كأهل مكة ، ومنقطع على تقدير تمحضهم في عبادة الأوثان، ويجوز كون "ما" نافية على أنه إخبار من الله تعالى عن الفتية بالتوحيد معترض بين إذ وجوابه. فأووا أي: التجئوا. إلى الكهف قال الفراء: هو جواب إذ كما تقول إذ فعلت فافعل كذا، وقيل: هو دليل على جوابه، أي: إذ اعتزلتموهم اعتزالا اعتقاديا فاعتزلوهم اعتزالا جسمانيا، أو إذا أردتم اعتزالهم فافعلوا ذلك بالالتجاء إلى الكهف. ينشر لكم يبسط لكم، ويوسع عليكم. ربكم مالك أمركم من رحمته في الدارين ويهيئ لكم يسهل لكم من أمركم الذي أنتم بصدده من الفرار بالدين مرفقا ما ترتفقون، وتنتفعون به. وقرئ بفتح الميم، وكسر الفاء مصدرا كالمرجع، وتقديم "لكم" في الموضعين لما مر مرارا من الإيذان من أول الأمر بكون المؤخر من منافعهم، والتشويق إلى وروده.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية