الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا الاستفهام ليس للاستنكار; فكيف يستنكر نبي قدرة الله (تعالى) على الأشياء من غير وسائط؛ وأسباب؛ وهو خالق الوسائط والأسباب؛ وإنما كان هذا السؤال للتنبيه إلى موضع الغرابة؛ وليؤمن من لم يكن آمن؛ بقدرة الله (تعالى)؛ وأنه لا [ ص: 4614 ] يحتاج في خلقه إلى وسائط؛ وليسمع الناس بيان الله (تعالى) أنه هين عليه؛ وأنه ليس بغريب من الله (تعالى)؛ فقد خلق الإنسان ولم يك شيئا؛ وأن الله (تعالى) غني عن الوسائط والأسباب؛ وشكرا لنعمة الله في إجابة الدعاء؛ فقد أجاب - سبحانه - مع ظهور ما يبعد الإجابة؛ ولكن ليس على الله ببعيد.

                                                          وموضع البعد أنه شيخ فان؛ قد تصلبت عظامه؛ وصار كالحطام الذي لا تجري فيه الحياة؛ فقد بلغ من الكبر عتيا؛ وامرأته عاقر؛ لم تنجب؛ ولم يكن من شأن أمثالها في العادة أن تنجب؛ وقوله: وقد بلغت من الكبر عتيا أي: بلغت من كبر السن حدا صرت فيه صلب العظام؛ معروق اللحم؛ وقد قال الزمخشري - في معنى كلمة "عتيا "؛ واشتقاقها -: "أي: بلغت عتيا؛ وهو اليبس والجساوة في المفاصل والعظام؛ كالعود القاحل؛ ويقال: "عتا العود "؛ من أجل الكبر والطعن في السن العالية؛ أو بلغت من مدارج الكبر ومراتبه ما يسمى "عتيا "؛ أهـ .

                                                          وأصل "عتي ": "عتو "؛ كسر ما قبل الواو الأولى؛ فقلبت؛ ثم اجتمعت الواو والياء؛ وكانت إحداهما ساكنة؛ فقلبت ياء؛ وأدغمت الياء في الياء؛ وقرئت: "عتيا "؛ بكسر العين؛ وبضمها.

                                                          أجاب الله (تعالى) زكريا بقوله:

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية