الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة خمسمائة

فمن الحوادث فيها:

أنه [في سابع المحرم] دخل صبي إلى بيت أخته فوجد عندها رجلا ، فقتلها وهرب ، وكان ذلك بالنصرية ، فركب الشحنة ، وخرب المحلة .

[قتل فخر الملك أبي المظفر]

وفي يوم عاشوراء: قتل فخر الملك أبو المظفر بن نظام الملك ، وهو أكبر أولاده ، قتله باطني على وجه الاغتيال ، وكان فخر الملك قد رأى في ليلة عاشوراء التي قتل فيها الحسين عليه السلام ، وهو يقول له: عجل إلينا والليلة أفطر عندنا . فانتبه مشفقا من ذلك فشجعوه ، وأمروه أن لا يبرح يومه هذا من داره ، وكان صائما فلما صار وقت العصر ، خرج من حجرة كان فيها إلى بعض دور النساء ، فسمع صوت متظلم بحرقة ، وهو يقول: ذهب المسلمون ما بقي من يكشف ظلامة ولا من يأخذ لضعيف حقا ، ولا من يفرج عن ملهوف ، فقال: أدنوه مني فقد عمل كلامه في قلبي ، فلما أتوه به ، قال: ما حالك؟ فدفع إليه رقعة ، فبينما هو يتأملها ضربه بسكين في مقتله فقضى نحبه ، وكان ذلك بنيسابور وهو يومئذ وزير سنجر ، فقرر فأقر على جماعة من أصحاب فخر الملك أنهم ألفوه وكذب عليهم ، وإنما كان باطنيا يريد أن يقتل بيده وسعايته ، فقتل من عين عليه ، وكانوا برآء ، ثم قتل هو بعد ذلك . [ ص: 100 ]

وفي رابع عشر صفر: خرج الوزير أبو القاسم علي بن جهير من داره بباب العامة إلى الديوان على عادته ، فلما استقر في الديوان وصل إليه أبو الفرج بن رئيس الرؤساء وبهج ، وشافهاه بعزله ، فانصرف إلى داره ماشيا ، ومشيا معه ، وكان سيف الدولة صدقة قد قرر أمره لما رد إلى الوزارة أنه متى تغير الرأي فيه عزل مصونا ، فقصد دار سيف الدولة بعد عزله ، وهو يقول في الطريق: أمنك الله يا سيف الدولة يوم الفزع الأكبر كما أمنتني . فأقام بدار سيف الدولة إلى أن نفذ إليه قوما من الحلة ، فخرج معهم هو وولده وأصحابه .

وكانت مدة وزارته ثلاث سنين وخمسة أشهر وأياما ، وكان قد استفسد في وزارته هذه قلوب جماعة عليه ، منهم: قاضي القضاة أبو الحسن الدامغاني ، وصاحب المخزن أبو القاسم ابن الفقيه . وأمر الخليفة بنقض داره التي بباب العامة ، وكان في ذلك عبرة من جهة أن أبا نصر بن جهير بناها بأنقاض دور الجانب الغربي وباب محول على يدي صاحب الشرطة أبي الغنائم بن إسماعيل ، وكان هذا الشرطي يأخذ أكثر ذلك لنفسه ويحتج بعمارة هذه الدار ، ولا يقدر الضعفاء على منعه ، فكانت عاقبة الظلم الخراب وذهاب الأموال ، فلما عزل استنيب قاضي القضاة أبو الحسن ، وجعل معه أبو الحسين بن رضوان مشاركا له وجالسا إلى جانبه ، ثم استدعي إلى حضرة الخلافة يوم الثلاثاء سابع عشر ربيع الأول أبو المعالي هبة الله بن محمد بن المطلب ، فكلمه بما شد أزره وشافهه بالتعويل عليه ، وتقدم بإفاضة الخلع عليه ، فخرج إلى الديوان ، وقرأ أبو الحسين بن رضوان عهده وهو من إنشاء ابن رضوان .

[استدعاء أبي القاسم بن الحصين صاحب المخزن]

وفي هذا اليوم استدعي أبو القاسم بن الحصين صاحب المخزن إلى باب الحجرة فخلع عليه هناك؛ إبانة لمحله ، ورفعا لمنزلته .

[قبض السلطان على وزيره أبي المحاسن]

وفي ثالث شعبان قبض السلطان على وزيره أبي المحاسن وصلبه بظاهر أصبهان مع جماعة من أعيان الكتاب ، واستوزر نظام الملك أبا نصر أحمد بن نظام الملك .

[ ص: 101 ]

[وفي ذي القعدة عول في ديوان الزمام على أبي الحسن علي بن صدقة ، وخلع عليه ، ولقب عميد الدولة] .

التالي السابق


الخدمات العلمية