الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ؛ ويقرأ: " ألا يسجدوا " ؛ فمن قرأ بالتشديد؛ فالمعنى: " وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم ألا يسجدوا " ؛ أي: " فصدهم لئلا يسجدوا لله " ؛ وموضع " أن " ؛ نصب بقوله: " فصدهم " ؛ ويجوز أن يكون موضعها جرا؛ وإن حذفت اللام؛ ومن قرأ بالتخفيف فـ " ألا " ؛ لابتداء الكلام؛ والتنبيه؛ والوقوف عليه: " ألا يا " ؛ ثم يستأنف فيقول: " اسجدوا لله " ؛ ومن قرأ بالتخفيف فهو موضع سجدة من القرآن؛ ومن قرأ: " ألا يسجدوا " ؛ بالتشديد؛ فليس بموضع سجدة؛ ومثل قوله: " ألا يا اسجدوا " ؛ بالتخفيف؛ قول ذي الرمة:


                                                                                                                                                                                                                                        ألا يا اسلمي يا دار مي على البلى ... ولا زال منهلا بجرعائك القطر



                                                                                                                                                                                                                                        وقال الأخطل:

                                                                                                                                                                                                                                        ألا يا اسلمي يا هند هند بني بدر ...     تحية من صلى فؤادك بالجمر



                                                                                                                                                                                                                                        وقال العجاج [ ص: 116 ]

                                                                                                                                                                                                                                        يا دار سلمى يا اسلمي ثم اسلمي ...     بسمسم أو عن يمين سمسم



                                                                                                                                                                                                                                        وإنما أكثرنا الشاهد في هذا الحرف كما فعل من قبلنا؛ وإنما فعلوا ذلك لقلة اعتياد العامة لدخول " يا " ؛ إلا في النداء؛ لا تكاد العامة تقول: " يا قد قدم زيد " ؛ ولا " يا اذهب بسلام " . وقوله: لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ؛ كل ما خبأته فهو خبء؛ وجاء في التفسير أن الخبء ههنا القطر من السماء؛ والنبات من الأرض؛ ويجوز - وهو الوجه - أن يكون الخبء كل ما غاب؛ فيكون المعنى: " يعلم الغيب في السماوات والأرض " ؛ ودليل هذا قوله (تعالى): ويعلم ما تخفون وما تعلنون

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية