الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا ناداه - سبحانه - بالبعيد؛ إعلاء له؛ وتشريفا؛ وناداه باسمه؛ محبة له؛ وتقريبا؛ وقد دل ذلك النداء على أنه بلغ حد الخطاب; ولذا تضمن معنى "كبر؛ وكمل "؛ وعطف عليه بقوله: وآتيناه الحكم صبيا فالواو عاطفة؛ تحمل على ما تضمنه معنى يا يحيى من بلوغ الرشد؛ واستواء الشخصية الإنسانية؛ وذلك أمر خارق للعادة؛ فإن الصبي يشدو في الكمال حتى يبلغ مبلغ الرجال؛ فيخاطب كما يخاطب الرجال؛ ولكنه بلغ مبلغ الرجال؛ وهو مبلغ من يعطيه الله (تعالى) الحكم؛ و "الحكم "؛ هنا: الحكمة؛ وذلك كما في كلام حكيم تميم؛ أكثم بن صيفي: "الصمت حكم؛ وقليل فاعله "؛ أي: الصمت حكمة؛ وقليل فاعله؛ والكتاب الذي أخذه هو التوراة؛ فقد كانت التوراة شريعة النبيين الذين جاؤوا من بعد موسى؛ يقرؤونها؛ وينفذون أحكامها؛ ويعلمونها للناس؛ ويحكمون بما اشتملت عليه من نظم؛ فداود؛ وسليمان - عليهما السلام - كانا ينفذان في ملكهما حكم التوراة؛ ويقيمان ما اشتملت من حدود وقصاص؛ من غير تفريط فيها؛ ومعنى بقوة أي: خذه منفذا له بقوة؛ لا تخشى فيه لومة لائم؛ ولا معذرة لأثيم.

                                                          وقد ذكر الله - سبحانه - ما حلاه من صفات بشرية؛ هي صفات البشر الكامل؛ فقال (تعالى):

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية