الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا

                                                                                                                                                                                                                                      واضرب لهم أي: للفريقين الكافر والمؤمن، مثلا رجلين مفعولان لـ "اضرب" أولهما ثانيهما، لأنه المحتاج إلى التفصيل، والبيان، أي: اضرب للكافرين والمؤمنين لا من حيث أحوالهما المستفادة مما ذكر آنفا من أن للأولين في الآخرة كذا، وللآخرين كذا بل من حيث عصيان الأولين مع تقلبهم في نعم الله تعالى، وطاعة الآخرين مع مكابدتهم مشاق الفقر مثلا حال رجلين مقدرين، أو محققين هما أخوان من بني إسرائيل، أو شريكان. كافر اسمه قطروس ، ومؤمن اسمه يهوذا ، اقتسما ثمانية آلاف دينار، فاشترى الكافر بنصيبه ضياعا وعقارا، وصرف المؤمن نصيبه إلى وجوه المبار، فآل أمرهما إلى ما حكاه الله تعالى. وقيل: هما أخوان من بني مخزوم ، كافر هو الأسود بن عبد الأسد ، ومسلم هو أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد زوج أم سلمة رضي الله عنها أولا. جعلنا لأحدهما وهو الكافر. جنتين بستانين من أعناب من كروم متنوعة، والجملة بتمامها بيان للتمثيل، أو صفة لرجلين. وحففناهما بنخل أي: جعلنا النخل محيطة بهما مؤزرا بها كرومهما. يقال: حفه القوم إذا طافوا به، وحففته بهم جعلتهم حافين حوله، فيزيده الباء مفعولا آخر كقولك: غشيته به. وجعلنا بينهما وسطهما. زرعا ليكون كل منهما جامعا للأقوات والفواكه متواصل العمارة على الهيئة الرائقة، والوضع الأنيق.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية