الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( الثالث ) أصل هذه المسألة ما رواه مسلم في المرأة الأنصارية التي أسرت وكانت العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها العرب الذين أسروا المرأة فهربت المرأة على العضباء ونذرت إن نجاها الله عليها لتنحرنها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : { بئسما جزتها لا وفاء لنذر في معصية ، ولا فيما لا يملكه العبد } قال القرطبي ظاهر هذا الكلام يدل على أن الذي صدر من المرأة معصية ; لأنها التزمت أن تهلك مال الغير فتكون عاصية بهذا القصد ، وهذا ليس بصحيح ; لأن المرأة لم يتقدم لها من النبي صلى الله عليه وسلم بيان تحريم ذلك ولم تقصد ذلك ، وإنما معنى ذلك والله أعلم أن من أقدم على ذلك بعد التقدم إليه ، وبيان أن ذلك محرم كان عاصيا بذلك القصد ، ولا يدخل في ذلك المعلق على الملك ، كقوله : إن ملكت هذا البعير فهو هدي أو صدقة ; لأن ذلك الفعل معلق على ملكه لا ملك غيره ، انتهى . فهذا يدل على أن حلف الإنسان بملك الغير محرم ، وقال القرطبي في شرح مسلم في شرح قوله في كتاب الأيمان : ليس على الرجل نذر فيما لا يملك ، اختلف العلماء فيما إذا علق العتق أو الهدي أو الصدقة على الملك ، مثل أن يقول : إن ملكت عبد فلان فهو حر فلم يلزمه الشافعي شيئا من ذلك عم أو خص تمسكا بهذا الحديث ، وألزمه أبو حنيفة كل شيء من ذلك عم أو خص ; لأنه من باب العقود المأمور بالوفاء بها ، ووافق أبا حنيفة مالك فيما إذا خص تمسكا بمثل ما تمسك به أبو حنيفة ، وخالفه إذا عم رفعا للحرج الذي أدخله على نفسه ولمالك قول آخر مثل قول الشافعي ، انتهى . وقال ابن عبد السلام في باب التفليس في شرح قول ابن الحاجب وللحجر أربعة أحكام منع التصرف في المال الموجود ، قال ابن عبد السلام احترازا مما لم يوجد له من المال كالتزامه عطية شيء ما إن ملكه ، فإنه لا يمنع منه الآن ، ولكنه إن ملك ذلك الشيء ، وقد زال عنه حكم الفلس لزمه ما التزم ، وإلا كان للغرماء منعه ، انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية