الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 417 ] 217 - باب طلاق الرجال نساءهم اللاتي يكرههن آباؤهم ، هل ذلك مما عليهم في بر آبائهم ؟ أم لا ؟ قال أبو جعفر : قد كان هذا المعنى أشكل على أبي الدرداء رضي الله عنه حتى قال في ذلك لمن سأله عنه .

1385 - ما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال : حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود قال : حدثنا سفيان الثوري قال : حدثنا عطاء وهو ابن السائب قال : حدثني أبو عبد الرحمن السلمي قال : إن رجلا منا أمرته أمه أن يتزوج ، فلما تزوج أمرته أن يفارقها ، فارتحل إلى أبي الدرداء ، فسأله عن ذلك فقال : ما أنا بالذي آمرك أن تطلق ، وما أنا بالذي آمرك أن تمسك ؛ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : الوالدة أوسط باب الجنة ؛ فاحفظ ذلك الباب أو ضيعه . أو كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ، الشك من ابن مرزوق .

قال أبو جعفر : فوقفنا بذلك على أن أبا الدرداء رضي الله عنه [ ص: 418 ] أشكل عليه الجواب فيما سئل عنه من هذا .

فكان جوابه في ذلك جوابا لم يقطع فيه شيء من إمساك ومن فراق ، فنظرنا هل روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء فيه حقيقة الواجب في هذا المعنى ؛ ما هي . ؟

1386 - فوجدنا بحر بن نصر بن سابق الخولاني قد حدثنا قال : حدثنا عبد الله بن وهب قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، عن الحارث بن عبد الرحمن ، عن حمزة بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه قال : كانت عندي امرأة أحبها ، وكان أبي يكرهها ، فأمرني أن أطلقها ، فأبيت ، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا عبد الله ، طلق امرأتك ! فطلقتها .

1387 - ووجدنا إبراهيم بن مرزوق قد حدثنا قال : حدثنا بشر بن عمر الزهراني قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، فذكر بإسناده مثله .

1388 - ووجدنا الربيع بن سليمان وسليمان بن شعيب الكيساني قد حدثانا ، قالا : أسد بن موسى قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، ثم ذكر بإسناده مثله .

[ ص: 419 ] فكان في هذا الحديث ما قد دل أن من حق الوالد في هذا على ابنه إجابته أباه إلى ما يسأله إياه من هذا ، وإذا كان ذلك من حق الوالد على ولده كان من حق والدة على ولدها أوجب ، ولولدها ألزم ؛ لأن حق الوالدة على الولد يتجاوز حق الوالد عليه ، وسيجيء بذلك منصوصا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في موضعه فيما بعد من كتابنا هذا إن شاء الله .

قال أبو جعفر : والذي يؤمر به الولد في هذا غير مبيح له فيه طلاق زوجته في الموضع الذي نهاه الله عز وجل عن طلاقها فيه ، وإنما هو طلاقه إياها في الموضع الذي أباح الله الطلاق فيه لا في ضده . والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية