الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية الثانية والخمسون : قوله تعالى : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءوف بالعباد } فيها مسألتان :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الأولى : في سبب نزولها أربعة أقوال :

                                                                                                                                                                                                              الأول : نزلت في الجهاد .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : فيمن يقتحم القتال ; أرسل عمر رضي الله عنه جيشا فحاصروا حصنا [ ص: 203 ] فتقدم رجل عليه فقاتل فقتل ، فقال الناس : ألقى بيده للتهلكة ، فبلغ ذلك عمر فقال : كذبوا ; أو ليس الله تعالى يقول : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله } وحمل هشام بن عامر على الصف حتى شقه ، فقال أبو هريرة : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله } .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : نزلت في الهجرة وترك المال والديار لأجلها ; روي أن صهيبا أخذه أهله وهو قاصد النبي صلى الله عليه وسلم فافتدى منهم بماله ، ثم أدركه آخر فافتدى منه ببقية ماله ، وغيره عمل عمله فأثنى عليهم .

                                                                                                                                                                                                              الرابع : أنها نزلت في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ; قاله عمر ، وقرأ هذه الآية واسترجع ، وقال : قام رجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فقتل .

                                                                                                                                                                                                              ويروى أن عمر رضي الله عنه كان إذا صلى الصبح دخل مربدا له ، فأرسل إلى فتيان قد قرءوا القرآن ، منهم ابن عباس وابن أخي عنبسة فقرءوا القرآن ، فإذا كانت القائلة انصرفوا . قال : فمروا بهذه الآية : { وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءوف بالعباد } فقال ابن عباس لبعض من كان إلى جانبه : اقتتل الرجلان . فسمع عمر رضي الله عنه ما قال ، فقال : أي شيء قلت ؟ قال : لا شيء . قال : ماذا قلت ؟ قال : فلما رأى ذلك ابن عباس قال : أرى هذا أخذته العزة بالإثم من أمره بتقوى الله ، فيقول هذا : وأنا أشري نفسي ابتغاء مرضاة الله فيقاتله ، فاقتتل الرجلان . فقال عمر : لله تلادك يا ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية