الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ خشب ]

                                                          خشب : الخشبة : ما غلظ من العيدان ، والجمع خشب ، مثل شجرة وشجر ، وخشب وخشب وخشبان . وفي حديث سلمان : كان لا يكاد يفقه كلامه من شدة عجمته ، وكان يسمي الخشب الخشبان . قال ابن الأثير : وقد أنكر هذا الحديث ؛ لأن سلمان كان يضارع كلامه كلام الفصحاء ، وإنما الخشبان جمع خشب كحمل وحملان ; قال :


                                                          كأنهم ، بجنوب القاع ، خشبان



                                                          قال : ولا مزيد على ما تتساعد في ثبوته الرواية والقياس . وبيت مخشب : ذو خشب . والخشابة : باعتها . وقوله - عز وجل - في صفة المنافقين : كأنهم خشب مسندة ; وقرئ خشب ، بإسكان الشين مثل بدنة وبدن . ومن قال خشب ، فهو بمنزلة ثمرة وثمر ; أراد - والله أعلم - أن المنافقين في ترك التفهم والاستبصار ، ووعي ما يسمعون من الوحي ، بمنزلة الخشب وفي الحديث في ذكر المنافقين : خشب بالليل ، صخب بالنهار ; أراد : أنهم ينامون الليل ، كأنهم خشب مطرحة ، لا يصلون فيه ; وتضم الشين وتسكن تخفيفا . والعرب تقول للقتيل : كأنه خشبة وكأنه جذع . وتخشبت الإبل : أكلت الخشب ; قال الراجز ووصف إبلا :


                                                          حرقها ، من النجيل ، أشبهه     أفنانه ، وجعلت تخشبه



                                                          ويقال : الإبل تتخشب عيدان الشجر إذا تناولت أغصانه . وفي حديث ابن عمر - رضي الله عنهما : كان يصلي خلف الخشبية ; قال ابن الأثير : هم أصحاب المختار بن أبي عبيد ; ويقال لضرب من الشيعة : الخشبية ; قيل : لأنهم حفظوا خشبة زيد بن علي - رضي الله عنه - حين صلب ، والوجه الأول ؛ لأن صلب زيد كان بعد ابن عمر بكثير . والخشيبة : الطبيعة . وخشب السيف يخشبه خشبا فهو مخشوب وخشيب : طبعه ، وقيل : صقله . والخشيب من السيوف : الصقيل ; وقيل : هو الخشن الذي قد برد ولم يصقل ، ولا أحكم عمله ، ضد ; [ ص: 69 ] وقيل : هو الحديث الصنعة ; وقيل : هو الذي بدئ طبعه . قال الأصمعي : سيف خشيب ، وهو عند الناس الصقيل ، وإنما أصله برد قبل أن يلين ; وقول صخر الغي :


                                                          ومرهف ، أخلصت خشيبته     أبيض مهو ، في متنه ، ربد



                                                          أي : طبيعته . والمهو : الرقيق الشفرتين . قال ابن جني : فهو عندي مقلوب من موه ؛ لأنه من الماء الذي لامه هاء ، بدليل قولهم في جمعه : أمواه . والمعنى فيه : أنه أرق ، حتى صار كالماء في رقته . قال : وكان أبو علي الفارسي يرى أن أمهاه ، من قول امرئ القيس :


                                                          راشه من ريش ناهضة     ثم أمهاه على حجره



                                                          قال : أصله أموهه ، ثم قدم اللام وأخر العين أي : أرقه كرقة الماء قال : ومنه موه فلان علي الحديث أي : حسنه ، حتى كأنه جعل عليه طلاوة وماء . والربد : شبه مدب النمل ، والغبار . وقيل : الخشب الذي في السيف أن يضع عليه سنانا عريضا أملس ، فيدلكه به ؛ فإن كان فيه شقوق ، أو شعث ، أو حدب ذهب به واملس . قال الأحمر : قال لي أعرابي : قلت لصيقل : هل فرغت من سيفي ؟ قال : نعم ، إلا أني لم أخشبه . والخشابة : مطرق دقيق إذا صقل الصيقل السيف وفرغ منه ، أجراها عليه ؛ فلا يغبره الجفن ; هذه عن الهجري . والخشب : الشحذ . وسيف خشيب مخشوب أي : شحيذ . واختشب السيف : اتخذه خشبا ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          ولا فتك إلا سعي عمرو ورهطه     بما اختشبوا ، من معضد وددان



                                                          ويقال : سيف مشقوق الخشيبة ; يقول : عرض حين طبع ; قال ابن مرداس :


                                                          جمعت إليه نثرتي ، ونجيبتي     ورمحي ، ومشقوق الخشيبة ، صارما



                                                          والخشبة : البردة الأولى ، قبل الصقال ; وأنشد :


                                                          وفترة من أثل ما تخشبا



                                                          أي : مما أخذه خشبا لا يتنوق فيه ، يأخذه من ههنا وههنا . وقال أبو حنيفة : خشب القوس يخشبها خشبا : عملها عملها الأول ، وهي خشيب من قسي خشب وخشائب . وقدح مخشوب وخشيب : منحوت ; قال أوس في صفة خيل :


                                                          فجلجلها طورين ، ثم أفاضها     كما أرسلت مخشوبة لم تقرم



                                                          ويروى : تقوم أي : تعلم . والخشيب : السهم حين يبرى البري الأول . وخشبت النبل خشبا إذا بريتها البري الأول ولم تفرغ منها . ويقول الرجل للنبال : أفرغت من سهمي ؟ فيقول : قد خشبته أي : قد بريته البري الأول ، ولم أسوه ؛ فإذا فرغ قال : قد خلقته أي : لينته من الصفاة الخلقاء ، وهي الملساء . وخشب الشعر يخشبه خشبا أي : يمره كما يجيئه ، ولم يتأنق فيه ، ولا تعمل له ; وهو يخشب الكلام والعمل إذا لم يحكمه ولم يجوده . والخشيب : الرديء والمنتقى . والخشيب : اليابس ، عن كراع . قال ابن سيده : وأراه قال الخشيب والخشيبي . وجبهة خشباء : كريهة يابسة . والجبهة الخشباء : الكريهة ، وهي الخشبة أيضا ، ورجل أخشب الجبهة ; وأنشد :


                                                          إما تريني كالوبيل الأعصل     أخشب مهزولا ، وإن لم أهزل



                                                          وأكمة خشباء وأرض خشباء ، وهي التي كأن حجارتها منثورة متدانية ; قال رؤبة :


                                                          بكل خشباء وكل سفح



                                                          وقول أبي النجم :


                                                          إذا علون الأخشب المنطوحا



                                                          يريد : كأنه نطح . والخشيب : الغليظ الخشن من كل شيء . والخشيب من الرجال : الطويل الجافي ، العاري العظام ، مع شدة وصلابة وغلظ ; وكذلك هو من الجمال . وقد اخشوشب أي : صار خشبا ، وهو الخشن . ورجل خشيب : عاري العظم ، بادي العصب . والخشيب من الإبل : الجافي ، السمج ، المتجافي ، الشاسئ الخلق ; وجمل خشيب أي : غليظ . وفي حديث وفد مذحج على حراجيج : كأنها أخاشب ، جمع الأخشب ; والحراجيج : جمع حرجوج ، وهي الناقة الطويلة ، وقيل : الضامرة ; وقيل : الحادة القلب . وظليم خشيب أي : خشن . وكل شيء غليظ خشن ، فهو أخشب وخشب . وتخشبت الإبل إذا أكلت اليبيس من المرعى . وعيش خشب : غير متأنق فيه ، وهو من ذلك . واخشوشب في عيشه : شظف . وقالوا : تمعددوا ، واخشوشبوا أي اصبروا على جهد العيش ; وقيل : تكلفوا ذلك ، ليكون أجلد لكم . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : اخشوشبوا ، وتمعددوا . قال : هو الغلظ ، وابتذال النفس في العمل ، والاحتفاء في المشي ، ليغلظ الجسد ; ويروى : واخشوشنوا ، من العيشة الخشناء . ويقال : اخشوشب الرجل إذا صار صلبا ، خشنا في دينه وملبسه ومطعمه وجميع أحواله . ويروى بالجيم والخاء المعجمة ، والنون ; يقول : عيشوا عيش معد ، يعني عيش العرب الأول ، ولا تعودوا أنفسكم الترفه ، أو عيشة العجم ؛ فإن ذلك يقعد بكم عن المغازي . وجبل أخشب : خشن عظيم ; قال الشاعر يصف البعير ، ويشبهه فوق النوق بالجبل :


                                                          تحسب فوق الشول ، منه ، أخشبا



                                                          والأخشب من الجبال : الخشن الغليظ ; ويقال : هو الذي لا يرتقى فيه . والأخشب من القف : ما غلظ ، وخشن ، وتحجر ; والجمع أخاشب ؛ لأنه غلب عليه الأسماء ; وقد قيل في مؤنثه : الخشباء ; قال كثير عزة :


                                                          ينوء فيعدو ، من قريب ، إذا عدا     ويكمن ، في خشباء ، وعث مقيلها



                                                          فإما أن يكون اسما ، كالصلفاء ، وإما أن يكون صفة ، على ما يطرد في باب أفعل ، والأول أجود ، لقولهم في جمعه : الأخاشب . وقيل [ ص: 70 ] الخشباء ، في قول كثير ، الغيضة ، والأول أعرف . والخشبان : الجبال الخشن ، التي ليست بضخام ، ولا صغار . ابن الأنباري : وقعنا في خشباء شديدة ، وهي أرض فيها حجارة وحصى وطين . ويقال : وقعنا في غضراء ، وهي الطين الخالص الذي يقال له الحر ، لخلوصه من الرمل وغيره . والحصباء : الحصى الذي يحصب به . والأخشبان : جبلا مكة . وفي الحديث في ذكر مكة : ( لا تزول مكة ، حتى يزول أخشباها ) . أخشبا مكة : جبلاها . وفي الحديث : أن جبريل - عليه السلام - قال : يا محمد إن شئت جمعت عليهم الأخشبين ، فقال : دعني أنذر قومي صلى الله عليه وسلم - وجزاه خيرا عن رفقه بأمته ، ونصحه لهم ، وإشفاقه عليهم . غيره : الأخشبان : الجبلان المطيفان بمكة ، وهما : أبو قبيس والأحمر ، وهو جبل مشرف وجهه على قعيقعان . والأخشب : كل جبل خشن غليظ . والأخاشب : جبال الصمان . وأخاشب الصمان . جبال اجتمعن بالصمان ، في محلة بني تميم ، ليس قربها أكمة ، ولا جبل ; وصلب الصمان : مكان خشب أخشب غليظ ; وكل خشن أخشب وخشب . والخشب : الخلط والانتقاء ، وهو ضد . خشبه يخشبه خشبا ؛ فهو خشيب ومخشوب . أبو عبيد : المخشوب : المخلوط في نسبه ; قال الأعشى يصف فرسا :


                                                          قافل جرشع ، تراه كتيس الر     بل ، لا مقرف ولا مخشوب



                                                          قال ابن بري : أورد الجوهري عجز هذا البيت ، لا مقرف ولا مخشوب ، قال : وصوابه لا مقرف ولا مخشوب ، بالخفض ، وبعده :


                                                          تلك خيلي منه ، وتلك ركابي     هن صفر أولادها ، كالزبيب



                                                          قال ابن خالويه : المخشوب الذي لم يرض ، ولم يحسن تعليمه ، مشبه بالجفنة المخشوبة ، وهي التي لم تحكم صنعتها . قال : ولم يصف الفرس أحد بالمخشوب ، إلا الأعشى . ومعنى قافل : ضامر . وجرشع : منتفخ الجنبين . والربل : ما تربل من النبات في القيظ ، وخرج من تحت اليبيس منه نبات أخضر . والمقرف : الذي دانى الهجنة من قبل أبيه . وخشبت الشيء بالشيء : خلطته به . وطعام مخشوب إذا كان حبا ؛ فهو مفلق قفار ، وإن كان لحما فنيئ لم ينضج . ورجل قشب خشب : لا خير عنده ، وخشب إتباع له . الليث : الخشبية : قوم من الجهمية يقولون : إن الله لا يتكلم ، ويقولون : القرآن مخلوق . والخشاب : بطون من تميم ; قال جرير :


                                                          أثعلبة الفوارس أم رياحا     عدلت بهم طهية والخشابا ؟



                                                          ويروى : أو رباحا . وبنو رزام بن مالك بن حنضلة يقال لهم : الخشاب . واستشهد الجوهري ببيت جرير هذا على بني رزام . وخشبان : اسم . وخشبان : لقب . وذو خشب : موضع ; قال الطرماح :


                                                          أو كالفتى حاتم ، إذ قال : ما ملكت     كفاي للناس نهبى ، يوم ذي خشب



                                                          وفي الحديث ذكر خشب ، بضمتين ، وهو واد على مسيرة ليلة من المدينة ، له ذكر كثير في الحديث والمغازي ، ويقال له : ذو خشب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية