الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          في الياءات التي لم يقع بعدها همزة قطع ، ولا وصل ، بل حرف من باقي حروف المعجم

                                                          وجملة المختلف فيه من ذلك ثلاثون ياء ، وهي في البقرة ثنتان بيتي للطائفين ، و بي لعلهم يرشدون ، وفي آل عمران وجهي لله ، وفي الأنعام أربع وجهي للذي ، و صراطي مستقيما ، ومحياي ومماتي لله ، وفي الأعراف معي بني إسرائيل ، وفي التوبة معي عدوا ، وفي إبراهيم وما كان لي عليكم ، وفي الكهف

                                                          [ ص: 172 ] ثلاث وهن معي صبرا ، وفي مريم ورائي وكانت ، وفي طه ولي فيها مآرب أخرى ، وفي الأنبياء ذكر من معي ، وفي الحج بيتي للطائفين ، وفي الشعراء معي ربي ، وفيها ومن معي من المؤمنين ، وفي النمل ما لي لا أرى ، وفي القصص معي ردءا ، وفي العنكبوت أرضي واسعة ، وفي يس وما لي لا أعبد ، وفي ص ثنتان ولي نعجة ، و ما كان لي من علم ، وفي فصلت شركائي قالوا ، وفي الدخان وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون ، وفي نوح بيتي مؤمنا ، وفي الكافرين ولي دين وتتمة الثلاثين ياعبادي لا خوف عليكم في الزخرف ففتح هشام وحفص بيتي في المواضع الثلاثة من البقرة والحج ونوح ، ووافقهما نافع وأبو جعفر في البقرة والحج وفتح ورش ، بي لعلهم في البقرة و لي فاعتزلون في الدخان .

                                                          وفتح نافع وابن عامر وأبو جعفر وحفص وجهي في الموضعين وفتح ابن عامر صراطي في الأنعام ( و أرضي ) في العنكبوت وسكن أبو جعفر وقالون والأصبهاني عن ورش الياء من ومحياي ، وهي مما قبل الياء فيه ألف فلذلك لم يختلف في سواها ، واختلف عن ورش من طريق الأزرق عنه فقطع بالخلاف له فيها صاحب التيسير ، والتبصرة ، والكافي ، وابن بليمة والشاطبي ، وغيرهم ، وقطع له بالإسكان صاحب العنوان ، وشيخه عبد الجبار وأبو الحسن بن غلبون وأبو علي الأهوازي والمهدوي بن سفيان ، وغيرهم ، وبه قرأ صاحب التجريد على عبد الباقي عن والده ، وبذلك قرأ أيضا أبو عمرو الداني على خلف بن إبراهيم الخاقاني وطاهر بن غلبون .

                                                          قال الداني : وعلى ذلك عامة أهل الأداء من المصريين ، وغيرهم ، وهو الذي رواه ورش عن نافع أداء وسماعا قال : والفتح اختيار منه اختاره لقوته في العربية قال : وبه قرأت على أبي الفتح في رواية الأزرق عنه من قراءته على المصريين ، وبه كان يأخذ أبو غانم المظفر بن أحمد صاحب هلال ، ومن يأخذ عنه فيما ، بلغني .

                                                          ( قلت ) : وبالفتح أيضا قرأ صاحب التجريد ابن نفيس عن أصحابه عن الأزرق ، وعلى عبد الباقي عن قراءته على أبي حفص عمر بن عراك عن ابن هلال . والوجهان صحيحان عن

                                                          [ ص: 173 ] ورش من طريق الأزرق إلا أن روايته عن نافع بالإسكان واختياره لنفسه الفتح كما نص عليه غير واحد من أصحابه . وقيل ، بل لأنه روى عن نافع أنه أولا كان يقرأ ومحياي ساكنة الياء ثم رجع إلى تحريكها ، وروى ذلك الحمراوي عن أبي الأزهر عن ورش .

                                                          وانفرد ابن بليمة بإجراء الوجهين عن قالون ، وهو ظاهر التجريد ، وذلك غير معروف عنه ، بل الصواب عنه بالإسكان . وانفرد أبو العز القلانسي عن شيخه أبي علي الواسطي عن النهرواني عن أبي وردان بفتح الياء كقراءة الباقين فخالف في ذلك سائر الرواة عن النهرواني كأبي الحسن بن فارس وأبي علي الشرمقاني وأبي علي العطار وعبد الملك بن شابور وأبي علي المالكي ، وغيرهم ، بل الذين رووا ذلك عن أبي العز ، نفسه خالفوه في ذلك كالحافظ أبي العلاء الهمداني ، وغيره فالصحيح روايته عن أبي جعفر هو الإسكان كما قطع به ابن سوار والهذلي وابن مهران وابن فارس وأبو العلاء وأبو علي البغدادي والشهرزوري وابن شيط ، وغيرهم - والله أعلم - .

                                                          وفتح نافع وأبو جعفر ومماتي لله وفتح حفص أربع عشرة ياء ، وهي معي في المواضع التسعة في الأعراف والتوبة ، وثلاثة في الكهف ، وفي الأنبياء وموضعي الشعراء ، وفي القصص .

                                                          و لي في خمسة مواضع : في إبراهيم وطه وموضعي ص ، وفي الكافرين وافقه ورش في ومن معي في الشعراء . ووافقه في ولي فيها مآرب في طه الأزرق عن ورش . وافقه في ولي نعجة واحدة في ص هشام باختلاف عنه فقطع له بالإسكان صاحب العنوان ، والكافي ، والتبصرة ، وتلخيص ابن بليمة ، والتيسير ، والشاطبية ، والهداية ، والهادي ، والتجريد ، والتذكرة ، وسائر المغاربة ، والمصريين ، وقطع به للداجوني عنه أبو العلاء الحافظ وابن فارس وأبو العز ، وكذلك ابن سوار من غير طريق ابن العلاف عن الحلواني ، وقطع له بالفتح صاحب المبهج والمفيد ، وأبو معشر الطبري ، وغيرهم ، وكذلك قطع به له من طريق الحلواني غير واحد كالحافظ أبي العلاء وأبي العز وابن فارس وأبي بكر الشذائي ، وغيرهم ، ورواه ابن سوار عن ابن العلاف من طريق الحلواني . والوجهان صحيحان

                                                          [ ص: 174 ] عن هشام - والله أعلم - .

                                                          ووافقه في ولي دين في الكافرين نافع وهشام . واختلف عن البزي ، فروى عنه الفتح جماعة ، وبه قطع صاحب العنوان والمجتبى ، وبه قطع صاحب العنوان والمجتبى ، والكامل ، من طريق أبي ربيعة وابن الحباب ، وبه قرأ الداني على أبي الفتح عن قراءته عن السامري عن ابن الصباح عن أبي ربيعة عنه ، وهي رواية اللهبيين ومضر بن محمد عن البزي .

                                                          وروى عنه الجمهور الإسكان ، وبه قطع العراقيون من طريق أبي ربيعة ، وهو رواية ابن مخلد ، وغيره عن البزي ، وهو الذي نص عليه أبو ربيعة في كتابه عن البزي وقنبل جميعا ، وبه الداني على الفارسي عن قراءته بذلك عن النقاش عن أبي ربيعة عنه وهذه طريق التيسير ، وقال فيه : وهو المشهور به وآخذ .

                                                          وقطع به أيضا ابن بليمة ، وغيره ، وقطع بالوجهين جميعا صاحب الهداية والتذكرة ، والبصرة ، والكافي ، والتجريد ، وتلخيص أبي معشر ، والشاطبية ، وغيره ، وبه قرأ الداني على أبي الحسن بن غلبون . والوجهان صحيحان عنه والإسكان أكثر وأشهر - والله أعلم - .

                                                          وفتح ابن كثير ياءين ، وهما من ورائي وكانت في مريم ، ( و شركائي قالوا ) في فصلت . وفتح ابن كثير وعاصم والكسائي ، ما لي لا أرى الهدهد في النمل . واختلف عن هشام وابن وردان . أما هشام ، فروى الجمهور عنه الفتح ، وهو عند المغاربة قاطبة ، وهو رواية الحلواني عنه ، وبه قطع في المبهج والتلخيصين ، وغيرها . وقرأ في التجريد على عبد الباقي يعني من طريق الحلواني ، وروى الآخرون عنه الإسكان ، وهو رواية الداجوني عن أصحابه عنه ، وهو الذي قطع به ابن مهران ، ونص على الوجهين جميعا من الطريقين المذكورين صاحب الجامع والمستنير ، والكفاية ، والحافظ أبو العلاء ، وصاحب التجريد ، وغيرهم ، وبه قرأ في التجريد على الفارسي من طريقي الحلواني والداجوني وشذ النقاش عن الأخفش عن ابن ذكوان ففتحها فخالف سائر الرواة ، وخالفه أيضا جميع أهل الأداء حتى الآخرين عنه والصواب عنه هو السكون كما أجمع الرواة عليه .

                                                          وأما ابن وردان ، فروى الجمهور عنه الإسكان ، وروى النهرواني عن أصحابه عنه الفتح ، وعلى ذلك

                                                          [ ص: 175 ] أصحابه قاطبة كأبي علي البغدادي وأبي علي الواسطي وأبي علي المالكي وأبي الحسن بن فارس وعبد الملك بن شابور العطار والشرمقاني ، وغيرهم ، ونص عليه من الطريق المذكورة أبو العز القلانسي وابن سوار ، وصاحب الجامع ، والكامل ، والحافظ ، وأبو العلاء ، وغيرهم ، والوجهان صحيحان عنه غير أن الإسكان أشهر ، وأكثر - والله أعلم - .

                                                          وسكن حمزة ويعقوب وخلف ، لي لا أعبد في يس . واختلف عن هشام ، فروى الجمهور عنه الفتح ، وهو الذي لا تعرف المغاربة غيره . وروى جماعة عنه الإسكان ، وهو الذي قطع به جمهور العراقيين من طريق الداجوني كأبي طاهر بن سوار وأبي العز القلانسي وأبي علي البغدادي وأبي الحسن بن فارس وأبي الحسين بن نصر بن عبد العزيز الفارسي ، وبه عليه صاحب التجريد وانعكس على أبي القاسم الهذلي فذكره من طريق الحلواني عنه وصوابه من طريق الداجوني وأن الفتح من طريق الحلواني كما ذكره الجماعة - والله أعلم - .

                                                          وأما ياعباد لا خوف في الزخرف فاختلفوا في إثبات يائها ، وفي حذفها ، وفي فتحها ، وإسكانها ، وذلك تبع لرسمها في المصاحف فهي ثابتة في مصاحف أهل المدينة والشام محذوفة في المصاحف العراقية والمكية . فأثبت الياء ساكنة وصلا نافع وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر ورويس من غير طريق أبي الطيب ووقفوا عليها كذلك وأثبتها مفتوحة وصلا أبو بكر وأبو الطيب عن رويس ووقفا أيضا عليها بالياء وحذفها الباقون في الحالين ، وهم ابن كثير ، وحمزة والكسائي ، وخلف وحفص وروح ، وانفرد ابن مهران عن روح بإثباتها وتبعه على ذلك الهذلي ، وهو خلاف ما عليه أهل الأداء قاطبة .

                                                          وشذ الهذلي بحذفها عن أبي عمرو وقفا ، وهو وهم فإنه ظن أنها عنده من الزوائد فأجراها مجرى الزوائد في مذهبه وليست عنده من الزوائد ، بل هي عنده من ياءات الإضافة فإنه نص على أنه رآها ثابتة في مصاحف المدينة والحجاز كما سنذكره في موضعه ، وإذا كانت عنده ثابتة وجب أن تكون من ياءات الإضافة ، وإذا كانت كذلك وجب إثباتها في

                                                          [ ص: 176 ] الحالين - والله أعلم - .

                                                          ( واتفقوا ) على إسكان ما بقي من هذا الفصل ، وهو خمسمائة وست وستون ياء كما تقدم - والله أعلم - .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية