الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب المرأة تنفق من مال الزوج بغير علمه إذا منعها الكفاية 2976 - ( عن عائشة : { أن هندا قالت : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم فقال : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف } رواه الجماعة إلا الترمذي )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            . [ ص: 383 ] قوله : ( إن هندا هي بنت عتبة بن ربيعة ) والرواية بالصرف ووقع في رواية للبخاري بالمنع وأبو سفيان اسمه صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف قوله : ( شحيح ) أي بخيل حريص هو أعم من البخل لأن البخل مختص بمنع المال والشح يعم منع كل شيء في جميع الأحوال كذا في الفتح

                                                                                                                                            قوله : ( خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ) قال القرطبي : هذا أمر إباحة بدليل ما وقع في رواية للبخاري بلفظ : " لا حرج " والمراد بالمعروف القدر الذي عرف بالعادة أنه الكفاية قال : وهذه الإباحة وإن كانت مطلقة لفظا فهي مقيدة معنى كأنه قال : إن صح ما ذكرت . والحديث فيه دليل على وجوب نفقة الزوجة على زوجها ، وهو مجمع عليه كما سلف ، وعلى وجوب نفقة الولد على الأب ، وأنه يجوز لمن وجبت له النفقة شرعا على شخص أن يأخذ من ماله ما يكفيه إذا لم يقع منه الامتثال وأصر على التمرد ، وظاهره أنه لا فرق في وجوب نفقة الأولاد على أبيهم بين الصغير والكبير لعدم الاستفصال وهو ينزل منزلة العموم

                                                                                                                                            وأيضا قد كان في أولادها في ذلك الوقت من هو مكلف كمعاوية رضي الله عنه فإنه أسلم عام الفتح وهو ابن ثمان وعشرين سنة ، فعلى هذا يكون مكلفا من قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وسؤال هند كان في عام الفتح وذهبت الشافعية إلى اشتراط الصغر أو الزمانة ، وحكاه ابن المنذر عن الجمهور والحديث يرد عليهم ، ولم يصب من أجاب عن الاستدلال بهذا الحديث على وجوب نفقة الأولاد بأنه واقعة عين لا عموم لها ; لأن خطاب الواحد كخطاب الجماعة كما تقرر في الأصول وفي رواية متفق عليها {ما يكفيك ويكفي وليدك } وقد أجيب عن الحديث أيضا بأنه من باب الفتيا لا من القضاء وهو فاسد ; لأنه صلى الله عليه وسلم لا يفتي إلا بحق

                                                                                                                                            واستدل بالحديث أيضا من قدر نفقة الزوجة بالكفاية ، وبه قال الجمهور وقال الشافعي : إنها تقدر بالأمداد ، فعلى الموسر كل يوم مدان ، والمتوسط مد ونصف ، والمعسر مد وروي نحو ذلك عن مالك والحديث حجة عليهم كما اعترف بذلك النووي وللحديث فوائد لا يتعلق غالبها بالمقام وقد استوفاها في فتح الباري واستوفى طرق الحديث واختلاف ألفاظه




                                                                                                                                            الخدمات العلمية