الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3522 [ ص: 488 ] باب رضى الله عن الشهداء، ورضاهم عنه

                                                                                                                              وذكره النووي في: (باب ثبوت الجنة للشهيد) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 46 - 47 جـ 13 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أنس بن مالك ؛ قال: جاء ناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: أن ابعث معنا رجالا يعلمونا القرآن والسنة. فبعث إليهم سبعين رجلا من الأنصار ، يقال لهم: "القراء"؛ فيهم خالي: حرام يقرءون القرآن ويتدارسون بالليل: يتعلمون. وكانوا بالنهار يجيئون بالماء، فيضعونه في المسجد. ويحتطبون فيبيعونه، ويشترون به الطعام لأهل الصفة ، وللفقراء. فبعثهم النبي صلى الله عليه وسلم إليهم. فعرضوا لهم: فقتلوهم، قبل أن يبلغوا المكان. فقالوا: اللهم! بلغ عنا نبينا؛ أنا قد لقيناك، فرضينا عنك، ورضيت عنا. قال: وأتى رجل حراما "خال أنس "، من خلفه، فطعنه برمح حتى أنفذه. فقال حرام : فزت ورب الكعبة ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " إن إخوانكم قد قتلوا، وإنهم قالوا: اللهم بلغ عنا نبينا؛ أنا قد لقيناك، فرضينا عنك، ورضيت عنا ".] [ ص: 489 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 489 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن أنس) رضي الله عنه؛ (قال: جاء ناس إلى النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم فقالوا: أن ابعث معنا رجالا، يعلمونا القرآن والسنة. فبعث إليهم سبعين رجلا من الأنصار، يقال لهم: " القراء "؛ فيهم خالي "حرام". يقرأون القرآن، ويتدارسون بالليل: يتعلمون. وكانوا بالنهار يجيئون بالماء، فيضعونه في المسجد) مسبلا، لمن أراد استعماله لطهارة، أو شرب، أو غيرهما.

                                                                                                                              وفيه: جواز وضعه في المسجد. وقد كانوا يضعون أيضا: أعذاق التمر لمن أرادها، في المسجد. في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

                                                                                                                              قال النووي : ولا خلاف في جواز هذا، وفضله.

                                                                                                                              (ويحتطبون فيبيعونه، ويشترون به الطعام لأهل الصفة، والفقراء) .

                                                                                                                              قال النووي : أصحاب الصفة: هم الفقراء الغرباء، الذين كانوا يأوون إلى مسجد النبي صلى الله عليه وآله و سلم. وكانت لهم في آخره "صفة ". وهو مكان منقطع من المسجد، مظلل عليه. يبيتون فيه. قاله إبراهيم الحربي، والقاضي.

                                                                                                                              وأصله: من "صفة البيت ". وهي شيء كالظلة، قدامه.

                                                                                                                              [ ص: 490 ] فيه: فضيلة الصدقة. وفضيلة الاكتساب من الحلال لها.

                                                                                                                              وفيه: جواز الصفة في المسجد. وجواز المبيت فيه، بلا كراهة. قال: وهو مذهبنا، ومذهب الجمهور. انتهى.

                                                                                                                              (فبعثهم النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم إليهم. فعرضوا لهم: فقتلوهم، قبل أن يبلغوا المكان. فقالوا: اللهم ! بلغ عنا نبينا؛ أنا قد لقيناك، فرضينا عنك، ورضيت عنا) . هذا موضع الترجمة من الباب.

                                                                                                                              وفيه: فضيلة ظاهرة للشهداء. وثبوت الرضا منهم ولهم. وهو موافق لقوله تعالى: رضي الله عنهم ورضوا عنه ) .

                                                                                                                              قال العلماء: رضي الله عنهم بطاعتهم، ورضوا عنه ما أكرمهم به وأعطاهم إياه من الخيرات.

                                                                                                                              " والرضى من الله تعالى ": إفاضة الخير والإحسان والرحمة. فيكون من صفات الأفعال. وهو أيضا بمعنى: " إرادته ". فيكون من صفات الذات.

                                                                                                                              (قال: وأتى رجل حراما "خال أنس " من خلفه، فطعنه برمح حتى أنفذه. فقال حرام: فزت، ورب الكعبة ! فقال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم لأصحابه: " إن إخوانكم قد قتلوا. وإنهم قالوا: [ ص: 491 ] اللهم ! بلغ عنا نبينا، أنا قد لقيناك، فرضينا عنك، ورضيت عنا ") .

                                                                                                                              فيه: ثبوت الجنة للشهيد. ورضى الله عنهم، ورضاهم عنه.




                                                                                                                              الخدمات العلمية