الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 5 ] باب نفقة الرقيق والرفق بهم 2987 - ( عن عبد الله بن عمرو أنه قال لقهرمان له : هل أعطيت الرقيق قوتهم ؟ قال : لا ، قال : فانطلق : فأعطهم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته } رواه مسلم )

                                                                                                                                            2988 - ( وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { للمملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل ما لا يطيق } . رواه أحمد ومسلم ) .

                                                                                                                                            2989 - ( وعن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { هم إخوانكم وخولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم عليه } متفق عليه ) .

                                                                                                                                            2990 - ( وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين فإنه ولي حره وعلاجه } . رواه الجماعة ) .

                                                                                                                                            2991 - ( وعن أنس قال : { كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضرته الوفاة وهو يغرغر بنفسه : الصلاة وما ملكت أيمانكم } . رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث أنس أخرجه أيضا النسائي وابن سعد وله عند النسائي أسانيد منها ما رجاله رجال الصحيح وله شاهد من حديث علي عند أبي داود وابن ماجه زاد فيه " والزكاة [ ص: 6 ] بعد الصلاة " . وأحاديث الباب فيها دليل على وجوب نفقة المملوك وكسوته وهو مجمع على ذلك كما حكاه صاحب البحر وغيره ، وظاهر حديث عبد الله بن عمرو وحديث أبي هريرة أنه لا يتعين على السيد إطعامه مما يأكل ، بل الواجب الكفاية بالمعروف ، وظاهر حديث أبي ذر أنه يجب على السيد إطعامه مما يأكل وكسوته مما يلبس ، وهو محمول على الندب والقرينة الصارفة إليه الإجماع على أنه لا يجب على السيد ذلك .

                                                                                                                                            وذهبت العترة والشافعي إلى أن الواجب الكفاية بالمعروف كما وقع في رواية : فلا يجوز التقتير الخارج عن العادة ، ولا يجب بذل فوق المعتاد قدرا وجنسا وصفة . قوله : ( ولا يكلف من العمل ما لا يطيق ) فيه دليل على تحريم تكليف العبيد والإماء فوق ما يطيقونه من الأعمال وهذا مجمع عليه . قوله : ( إذا أتى أحدكم خادمه ) بنصب أحدكم ورفع خادمه ، والخادم يطلق على الذكر والأنثى وهو أعم من الحر والمملوك . قوله : ( فإن لم يجلسه ) أي لم يجلس المخدوم الخادم . قوله : ( لقمة أو لقمتين ) بضم اللام وهي العين المأكولة من الطعام ، وروي بفتح اللام والصواب الأول إذا كان المراد العين وهو ما يلتقم . والثاني : إذا كان المراد الفعل وهكذا . قوله : ( أكلة أو أكلتين ) وهو شك من الراوي .

                                                                                                                                            وفي هذا دليل على أنه لا يجب إطعام المملوك من جنس ما يأكله المالك ، بل ينبغي أن يناوله منه ملء فمه للعلة المذكورة آخرا وهي توليه لحره وعلاجه ، ويدفع إليه ما يكفيه من أي طعام أحب على حسب ما تقتضيه العادة لما سلف من الإجماع . وقد نقله ابن المنذر فقال : الواجب عند جميع أهل العلم إطعام الخادم من غالب القوت الذي يأكل منه مثله في تلك البلد ، وكذلك الإدام والكسوة ، وللسيد أن يستأثر بالنفيس من ذلك وإن كان الأفضل المشاركة . وقال الشافعي بعد أن ذكر الحديث : هذا عندنا على وجهين : الأول : أن إجلاسه معه أفضل ، فإن لم يفعل فليس بواجب . الثاني : أنه يكون الخيار إلى السيد بين أن يجلسه أو يناوله ، ويكون اختيارا غير حتم . قوله : ( كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فيه دليل على وقوع وصية منه صلى الله عليه وسلم ، وقد قدمنا الكلام على ذلك في كتاب الوصايا . قوله : ( يغرغر ) بغينين معجمتين وراءين مهملتين مبني للمجهول . قوله : ( الصلاة وما ملكت أيمانكم ) أي حافظوا على الصلاة وأحسنوا إلى المملوكين .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية