الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا وزعم بعضهم أنهم يعنون ما في هذه السورة من قوله تعالى: أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا وليس بشيء، وقيل: إن المعنى كما زعمت أن ربك إن شاء فعل وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى في خبر ابن عباس، وقرأ مجاهد: «يسقط السماء» بياء الغيبة ورفع «السماء» وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي ويعقوب: «كسفا» بسكون السين في جميع القرآن إلا في الروم، وابن عامر إلا في هذه السورة، ونافع وأبو بكر في غيرهما، وحفص فيما عدا الطور في قوله. وفي النشر أنهم اتفقوا على إسكان السين في الطور وهو إما مخفف من المفتوح؛ لأن السكون من الحركة مطلقا كسدر وسدر أو هو فعل صفة بمعنى مفعول كالطحن بمعنى المطحون أي شيئا مكسوفا أي مقطوعا.

                                                                                                                                                                                                                                      أو تأتي بالله والملائكة قبيلا أي: مقابلا كالعشير والمعاشر، [ ص: 169 ] وأرادوا كما أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس عيانا وهذا كقولهم: لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا وفي رواية أخرى عن الحبر والضحاك تفسير القبيل بالكفيل أي كفيلا بما تدعيه يعنون شاهدا يشهد لك بصحة ما قلته وضامنا يضمن ما يترتب عليه وهو على الوجهين حال من الجلالة وحال الملائكة محذوفة لدلالة الحال المذكورة عليها، أي: قبلاء كما حذف الخبر في قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      ومن يك أمسى في المدينة رحله فإني وقيار بها لغريب



                                                                                                                                                                                                                                      وذكر الطبرسي عن الزجاج أنه فسر قبيلا ب «مقابلة ومعاينة»، وقال: إن العرب تجريه في هذا المعنى مجرى المصدر فلا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث فلا تغفل، وعن مجاهد: القبيل الجماعة كالقبيلة فيكون حالا من الملائكة، وفي الكشف جعله حالا من الملائكة لقرب اللفظ وسداد المعنى؛ لأن المعنى تأتي بالله تعالى وجماعة من الملائكة لا تأتي بهما جماعة ليكون حالا على الجمع؛ إذ لا يراد معنى المعية معه تعالى، ألا ترى إلى قوله سبحانه حكاية عنهم: «أو نرى ربنا» والقرآن يفسر بعضه بعضا انتهى، وقرأ الأعرج: «قبلا» من المقابلة وهذا يؤيد التفسير الأول.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية