الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب ما جاء في شبه العمد [ ص: 29 ] عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { عقل شبه العمد مغلظ مثل عقل العمد ولا يقتل صاحبه وذلك أن ينزو الشيطان بين الناس فتكون دماء في غير ضغينة ولا حمل سلاح } رواه أحمد وأبو داود

                                                                                                                                            3011 - وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ألا إن قتيل الخطإ شبه العمد قتيل السوط أو العصا فيه مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها } رواه الخمسة إلا الترمذي

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            ولهم من حديث عبد الله بن عمر مثله حديث عمرو بن شعيب في إسناده محمد بن راشد الدمشقي المكحولي وقد تكلم فيه غير واحد ووثقه غير واحد .

                                                                                                                                            والحديث الثاني أخرجه أيضا البخاري في التاريخ وساق اختلاف الرواة فيه ، وأخرجه الدارقطني في سننه وساق أيضا فيه الاختلاف ، وقد صححه ابن حبان . وقال ابن القطان : هو صحيح ولا يضره الاختلاف . وحديث عبد الله بن عمر الذي أشار إليه المصنف لفظه في سنن أبي داود قال : { خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح على درجة البيت أو الكعبة } وذكر مثل الحديث الذي قبله ، وذكر له طرقا في بعضها علي بن زيد بن جدعان ولا يحتج بحديثه ، وسيأتي في باب أجناس الدية حديث عقبة بن أوس عن رجل من الصحابة وهو مثل حديث عبد الله بن عمرو الثاني .

                                                                                                                                            وفي الباب عن علي عند أبي داود : " أنه قال في شبه العمد أثلاثا : ثلاث وثلاثون حقة ، وثلاث وثلاثون جذعة ، وأربع وثلاثون ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة " .

                                                                                                                                            وفي إسناده عاصم بن ضمرة وقد تكلم فيه غير واحد . وعن علي أيضا عند أبي داود : " قال في الخطإ أرباعا : خمس وعشرون حقة ، وخمس وعشرون جذعة ، وخمس وعشرون بنات لبون ، وخمس وعشرون بنات مخاض "

                                                                                                                                            . وعن عثمان بن عفان وزيد بن ثابت عند أبي داود قالا في المغلظة : أربعون جذعة خلفة ، وثلاثون حقة ، وثلاثون بنات لبون . وفي الخطإ ثلاثون حقة ، وثلاثون بنات لبون وعشرون بنو لبون ذكورا ، وعشرون بنات مخاض

                                                                                                                                            وأخرج أبو داود عن علقمة والأسود أنهما قالا : " قال عبد الله في شبه العمد : خمس وعشرون حقة ، وخمس وعشرون جذعة ، وخمس وعشرون بنات لبون ، وخمس وعشرون [ ص: 30 ] بنات مخاض " . وقد استدل بأحاديث الباب من قال : إن القتل على ثلاثة أضرب : عمد ، وخطأ ، وشبه عمد . وإليه ذهب زيد بن علي والشافعية والحنفية والأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق وأبو ثور وجماهير من العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، فجعلوا في العمد القصاص .

                                                                                                                                            وفي الخطإ الدية التي سيأتي تفصيلها .

                                                                                                                                            وفي شبه العمد وهو ما كان بما مثله لا يقتل في العادة كالعصا والسوط والإبرة مع كونه قاصدا للقتل دية مغلظة وهي مائة من الإبل أربعون منها في بطونها أولادها وقال ابن أبي ليلى : إن قتل بالحجر أو العصا فإن كرر ذلك فهو عمد وإلا فخطأ . وقال عطاء وطاوس : شرط العمد أن يكون بسلاح . وقال الجصاص : القتل ينقسم إلى عمد وخطإ ، وشبه العمد ، وجار مجرى الخطإ وهو ما ليس إنهاء كفعل الصلحاء . قال الإمام يحيى : ولا ثمرة للخلاف إلا في شبه العمد . وقال مالك والليث والهادي والناصر والمؤيد بالله وأبو طالب : إن القتل ضربان : عمد ، وخطأ .

                                                                                                                                            فالخطأ ما وقع بسبب من الأسباب ، أو من غير مكلف ، أو غير قاصد للمقتول أو للقتل ، بما مثله لا يقتل في العادة . والعمد ما عداه ، والأول لا قود فيه . وقد حكى صاحب البحر الإجماع على ذلك . والثاني فيه القود . ولا يخفى أن أحاديث الباب صالحة للاحتجاج بها على إثبات قسم ثالث وهو شبه العمد وإيجاب دية مغلظة على فاعله ، وسيأتي تفصيل الديات وذكر أجناسها إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية