الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ووقف المشاع عند أبي يوسف ) لأن القسمة من تمام القبض والقبض عنده ليس بشرط فكذا تتمته ( وقال محمد رحمه الله : لا يجوز ) لأن أصل القبض عنده شرط فكذا ما يتم به ، وهذا فيما يحتمل القسمة وأما فيما لا يحتمل القسمة فيجوز مع الشيوع عند محمد رحمه الله أيضا ، لأنه يعتبر بالهبة والصدقة المنفذة إلا في المسجد والمقبرة ، فإنه لا يتم مع الشيوع فيما لا يحتمل القسمة أيضا عند أبي يوسف لأن بقاء الشركة يمنع الخلوص لله تعالى ولأن المهايأة فيهما في غاية القبح بأن يقبر فيه الموتى سنة ويزرع سنة ويصلى فيه في وقت ويتخذ إصطبلا في وقت ، بخلاف الوقف لإمكان الاستغلال وقسمة الغلة ، ولو وقف الكل ثم استحق جزء منه بطل في الباقي عند محمد رحمه الله لأن الشيوع مقارن كما في الهبة ، بخلاف ما إذا رجع الواهب في البعض أو رجع الوارث في الثلثين بعد موت المريض وقد وهبه أو أوقفه في مرضه وفي المال ضيق لأن الشيوع في ذلك طارئ ; ولو استحق جزء مميز بعينه لم يبطل في الباقي لعدم الشيوع ولهذا جاز في الابتداء ، وعلى هذا : الهبة [ ص: 407 ] والصدقة المملوكة . قال : ( ولا يتم الوقف عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما اللهحتى يجعل آخره بجهة لا تنقطع أبدا ، وقال أبو يوسف رحمه الله : إذا سمى فيه جهة تنقطع ، جاز وصار بعدها للفقراء وإن لم يسمهم ) لهما أن موجب الوقف زوال الملك بدون التمليك ، وأنه يتأبد كالعتق ، فإذا كانت الجهة يتوهم انقطاعها لا يتوفر عليه مقتضاه ، فلهذا كان التوقيت مبطلا له كالتوقيت في البيع ، ولأبي يوسف رحمه الله أن المقصود هو التقرب إلى الله تعالى وهو موفر عليه لأن التقرب تارة يكون في الصرف إلى جهة تنقطع ومرة بالصرف إلى جهة تتأبد فيصح في الوجهين ، قيل : إن التأبيد شر بالإجماع إلا أن عند أبي يوسف رحمه الله لا يشترط ذكر التأبيد لأن لفظة الوقف والصدقة منبئة عنه لما بينا أنه إزالة الملك بدون التمليك كالعتق ، ولهذا قال في الكتاب في بيان قوله وصار بعدها للفقراء وإن لم يسمهم وهذا هو الصحيح . وعند محمد رحمه الله ذكر التأبيد شرط لأن هذا صدقة بالمنفعة أو بالغلة وذلك قد يكون موقتا وقد يكون مؤبدا فمطلقه لا ينصرف إلى التأبيد فلا بد من التنصيص . .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية