الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وإذا تتلى عليهم آياتنا أي: يتلى عليهم القرآن المنزل من الله (تعالى)؛ أي: تقرأ آياته مرتلة؛ واضحة بينة في ألفاظها وعباراتها المعجزة؛ ومعانيها الواضحة الزاجرة الواعظة؛ المبشرة؛ المنذرة؛ أعرضوا عنها واستهزؤوا بقراءتها؛ وبالمؤمنين؛ وقالوا للذين آمنوا - في شأنهم ساخرين منهم؛ مستهزئين بهم؛ ومستهينين بأمرهم -: "أي الفريقين "؛ المؤمن؛ والكافر؛ والبر؛ والفاجر؛ "خير مقاما "؛ ومنزلة؛ "وأحسن [ ص: 4678 ] نديا "؛ أي: منتدى يجتمعون فيه؛ ويسمرون؛ فهذا للأقوياء الكبراء؛ ذوي المال والجاه والسطوة؛ وذلك للضعفاء والأرقاء المستذلين؛ ومؤدى القول أن المؤمنين ضعفاء مسترذلون في ذات أنفسهم؛ ومكانهم في هذه؛ والذين يخالفونهم في منتدى طيب؛ ومال وفير؛ وعزة في النفر؛ وإذا كانوا كذلك فلا بد أن يكون بعد ذلك كذلك؛ إن كان بعث ونشور؛ ولا يظنونه؛ وهذا كقول قوم نوح له: وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي ؛ ولقد قال في شأن الكافرين: وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه ؛ فهم يتخذون من أن الذين آمنوا ضعفاء؛ دليلا على البطلان؛ وذلك لغرورهم؛ وضلالهم؛ وتلك فتنة وقعوا فيها؛ وذلك أنهم يحكمون على الأمر بأنه باطل؛ لضعف أتباعهم؛ وبأنهم على حق بقوتهم؛ وتلك فتنة لهم؛ ولذلك قال (تعالى): وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين

                                                          وقد رد الله قولهم ببيان أن العبرة بالعاقبة؛ لا بالأمر الحاضر؛ وإن كثيرين من القرون السابقة أهلكهم الله بظلمهم؛ ونجا الذين استضعفوا؛ وكان منهم أئمة؛ وكانوا الوارثين; ولذا قال (تعالى):

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية