الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                              [ ص: 222 ] سورة الزمر قوله تعالى: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب قال تعالى: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب والصبر ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله، وصبر عن محارم الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة . وتجتمع الثلاثة كلها في الصوم،; فإن فيه صبرا على طاعة الله، وصبرا عما حرم الله على الصائم من الشهوات، وصبرا على ما يحصل للصائم فيه من ألم الجوع والعطش، وضعف النفس والبدن . ثبت في "الصحيحين " عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل عمل ابن آدم له; الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي . للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " .

                                                                                                                                                                                              وفي رواية "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي " وفي رواية للبخاري "لكل عمل كفارة، والصوم لي وأنا أجزي به " . وخرجه الإمام أحمد من هذا الوجه، ولفظه: "كل عمل ابن آدم له كفارة إلا الصوم، والصوم لي، وأنا أجزي به "

                                                                                                                                                                                              فعلى الرواية الأولى: يكون استثناء الصوم من الأعمال المضاعفة، فتكون الأعمال كلها تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لا [ ص: 223 ] ينحصر تضعيفه في هذا العدد، بل يضاعفه الله عز وجل أضعافا كثيرة بغير حصر عدد; فإن الصيام من الصبر . ولهذا ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سمى شهر رمضان شهر الصبر وفي حديث آخر عنه - صلى الله عليه وسلم -، قال: "الصوم نصف الصبر" خرجه الترمذي . وهذا الألم الناشئ من أعمال الطاعات يثاب عليه صاحبه، كما قال الله تعالى في المجاهدين: ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين وفي حديث سلمان المرفوع الذي أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " في فضل شهر رمضان "وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة " . وفي الطبراني عن ابن عمر مرفوعا: " الصيام لله لا يعلم ثواب عمله إلا الله عز وجل " . وروي مرسلا وهو أصح .

                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية