الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية

                                                                                                                                                                                                                                      الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا وقلنا لهم لا تعدوا في السبت وأخذنا منهم ميثاقا غليظا فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : يسألك أهل الكتاب هم اليهود سألوه صلى الله عليه وآله وسلم أن يرقى إلى السماء وهم يرونه ، فينزل عليهم كتابا مكتوبا فيما يدعيه يدل على صدقه دفعة واحدة كما أتى موسى بالتوراة تعنتا منهم ، أبعدهم الله ، فأخبره الله عز وجل بأنهم قد سألوا موسى سؤالا أكبر من هذا السؤال ، فقالوا : أرنا الله جهرة أي : عيانا ، وقد تقدم معناه في البقرة ، و ( جهرة ) نعت لمصدر محذوف ؛ أي : رؤية جهرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فقد سألوا جواب شرط مقدر ؛ أي : إن استكبرت هذا السؤال منهم لك فقد سألوا موسى أكبر من ذلك ، قوله : فأخذتهم الصاعقة هي النار التي نزلت عليهم من السماء فأهلكتهم ، والباء في قوله : بظلمهم للسببية ؛ أي : بسبب ظلمهم في سؤالهم الباطل لامتناع الرؤية عيانا في هذه الحالة ، وذلك لا يستلزم امتناعها يوم القيامة ، فقد جاءت بذلك [ ص: 341 ] الأحاديث المتواترة .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن استدل بهذه الآية على امتناع الرؤية يوم القيامة فقد غلط غلطا بينا ، ثم لم يكتفوا بهذا السؤال الباطل الذي نشأ منهم بسبب ظلمهم بعد ما رأوا المعجزات ، بل ضموا إليه ما هو أقبح منه وهو عبادة العجل ، وفي الكلام حذف والتقدير : فأحييناهم فاتخذوا العجل .

                                                                                                                                                                                                                                      والبينات : البراهين والدلائل ، والمعجزات من اليد والعصا وفلق البحر وغيرها فعفونا عن ذلك أي : عما كان منهم من التعنت وعبادة العجل وآتينا موسى سلطانا مبينا أي : حجة بينة وهي الآيات التي جاء بها ، وسميت سلطانا ؛ لأن من جاء بها قهر خصمه ، ومن ذلك أمر الله سبحانه له بأن يأمرهم بقتل أنفسهم توبة عن معصيتهم ، فإنه من جملة السلطان الذي قهرهم به ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم أي : بسبب ميثاقهم ليعطوه ، لأنه روي أنهم امتنعوا من قبول شريعة موسى فرفع الله عليهم الطور فقبلوها ، وقيل : إن المعنى بسبب نقضهم ميثاقهم الذي أخذ منهم ، وهو العمل بما في التوراة وقد تقدم رفع الجبل في البقرة ، وكذلك تفسير دخولهم الباب سجدا وقلنا لهم لا تعدوا في السبت فتأخذوا ما أمرتم بتركه فيه من الحيتان ، وقد تقدم تفسير ذلك ، وقرئ ( لا تعتدوا ) ( وتعدوا ) بفتح العين وتشديد الدال وأخذنا منهم ميثاقا غليظا مؤكدا وهو العهد الذي أخذه عليهم في التوراة ، وقيل إنه عهد مؤكد باليمين ، فسمي غليظا لذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : فبما نقضهم ميثاقهم ( ما ) مزيدة للتوكيد ، أو نكرة ، ونقضهم بدل منها ، والباء متعلقة بمحذوف ، والتقدير : فبنقضهم ميثاقهم لعناهم ، وقال الكسائي : هو متعلق بما قبله والمعنى : فأخذتهم الصاعقة بظلمهم إلى قوله : فبما نقضهم ميثاقهم قال : ففسر ظلمهم الذي أخذتهم الصاعقة بسببه بما بعده من نقضهم ميثاقهم وقتلهم الأنبياء وما بعده .

                                                                                                                                                                                                                                      وأنكر ذلك ابن جرير ، الطبري وغيره ؛ لأن الذين أخذتهم الصاعقة كانوا على عهد موسى ، والذين قتلوا الأنبياء ورموا مريم بالبهتان كانوا بعد موسى بزمان ، فلم تأخذ الصاعقة الذين أخذتهم برمتهم بالبهتان ، قال المهدوي وغيره : وهذا لا يلزم لأنه يجوز أن يخبر عنهم ، والمراد آباؤهم ، وقال الزجاج : المعنى فبنقضهم ميثاقهم حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ؛ لأن هذه القصة ممتدة إلى قوله : فبظلم من الذين هادوا حرمنا ونقضهم الميثاق أنه أخذ عليهم أن يبينوا صفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وقيل المعنى : فبنقضهم ميثاقهم وفعلهم كذا طبع الله على قلوبهم ، وقيل : المعنى : فبنقضهم لا يؤمنون إلا قليلا ، والفاء في قوله : فلا يؤمنون مقحمة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : وكفرهم بآيات الله معطوف على ما قبله ، وكذا قوله : وقتلهم والمراد ( بآيات الله ) كتبهم التي حرفوها ، والمراد ( بالأنبياء ) الذين قتلوهم يحيى وزكرياء ، و ( غلف ) جمع أغلف وهو المغطى بالغلاف ؛ أي : قلوبنا في أغطية فلا تفقه ما تقول .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : إن ( غلف ) جمع غلاف ، والمعنى : أن قلوبهم أوعية للعلم فلا حاجة لهم إلى علم غير ما قد حوته قلوبهم وهو كقولهم : قلوبنا في أكنة وغرضهم بهذا رد حجة الرسل ، قوله : بل طبع الله عليها بكفرهم هذه الجملة اعتراضية ؛ أي : ليس عدم قبولهم للحق بسبب كونها غلفا بحسب مقصدهم الذي يريدونه ، بل بحسب الطبع من الله عليها .

                                                                                                                                                                                                                                      والطبع : الختم ، وقد تقدم إيضاح معناه في البقرة ، وقوله : فلا يؤمنون إلا قليلا أي : هي مطبوع عليها من الله بسبب كفرهم فلا يؤمنون إلا إيمانا قليلا ، أو إلا قليلا منهم كعبد الله بن سلام ومن أسلم معه منهم ، وقوله : وبكفرهم معطوف على قولهم ، وإعادة الجار لوقوع الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه ، وهذا التكرير لإفادة أنهم كفروا كفرا بعد كفر ، وقيل : إن المراد بهذا الكفر كفرهم بالمسيح ، فحذف لدلالة ما بعده عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : وقولهم على مريم بهتانا عظيما هو رميها بيوسف النجار ، وكان من الصالحين ، والبهتان : الكذب المفرط الذي يتعجب منه ، قوله : وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله معطوف على ما قبله ، وهو من جملة جناياتهم وذنوبهم لأنهم كذبوا بأنهم قتلوه وافتخروا بقتله وذكروه بالرسالة استهزاء ، لأنهم ينكرونها ولا يعترفون بأنه نبي ، وما ادعوه من أنهم قتلوه قد اشتمل على بيان صفته وإيضاح حقيقته الإنجيل ، وما فيه هو من تحريف النصارى أبعدهم الله ، فقد كذبوا وصدق الله القائل في كتابه العزيز : وما قتلوه وما صلبوه والجملة حالية ؛ أي : قالوا ذلك والحال أنهم ما قتلوه وما صلبوه .

                                                                                                                                                                                                                                      ولكن شبه لهم أي : ألقي شبهه على غيره ، وقيل : لم يكونوا يعرفون شخصه وقتلوا الذي قتلوه وهم شاكون فيه وإن الذين اختلفوا فيه أي : في شأن عيسى ، فقال بعضهم : قتلناه ، وقال من عاين رفعه إلى السماء : ما قتلناه ، وقيل : إن الاختلاف بينهم ، هو أن النسطورية من النصارى قالوا : صلب عيسى من جهة ناسوته لا من جهة هوته ، وقالت الملكانية : وقع القتل والصلب على المسيح بكماله ناسوته وهوته ، ولهم من جنس هذا الاختلاف كلام طويل لا أصل له ، ولهذا قال الله : وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه أي : في تردد لا يخرج إلى حيز الصحة ، ولا إلى حيز البطلان في اعتقادهم ، بل هم مترددون مرتابون في شكهم يعمهون ، وفي جهلهم يتحيرون ، و ما لهم به من علم إلا اتباع الظن ( من ) زائدة لتوكيد نفي العلم ، والاستثناء منقطع ؛ أي : لكنهم يتبعون الظن ، وقيل : هو بدل بما قبله ، والأول أولى .

                                                                                                                                                                                                                                      لا يقال : إن اتباع الظن ينافي الشك الذي أخبر الله عنهم بأنهم فيه ؛ لأن المراد هنا بالشك التردد كما قدمنا ، والظن نوع منه ، وليس المراد به هنا ترجح أحد الجانبين .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : ( وما قتلوه يقينا ) أي : قتلا يقينا على أنه صفة مصدر محذوف ، أو متيقنين على أنه حال ، وهذا على أن الضمير في ( قتلوه ) لعيسى ، وقيل : إنه يعود إلى الظن ، والمعنى : ما قتلوا ظنهم يقينا كقولك قتلته علما إذا علمته علما تاما .

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو عبيدة : ولو كان المعنى وما قتلوا عيسى يقينا لقال وما قتلوه فقط ، وقيل المعنى : [ ص: 342 ] وما قتلوا الذي شبه لهم ، وقيل المعنى : بل رفعه الله إليه يقينا ، وهو خطأ ؛ لأنه لا يعمل ما بعد بل فيما قبلها ، وأجاز ابن الأنباري نصب ( يقينا ) بفعل مضمر هو جواب قسم ، ويكون بل رفعه الله إليه كلاما مستأنفا ولا وجه لهذه الأقوال ، والضمائر قبل ( قتلوه ) وبعده لعيسى ، وذكر اليقين هنا لقصد التهكم بهم لإشعاره بعلمهم في الجملة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : بل رفعه الله إليه رد عليهم وإثبات لما هو الصحيح ، وقد تقدم ذكر رفعه عليه السلام في آل عمران ، قوله : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته المراد بأهل الكتاب اليهود والنصارى ، والمعنى : وما من أهل الكتاب أحد إلا والله ليؤمنن به قبل موته ، والضمير في ( به ) راجع إلى عيسى ، والضمير في ( موته ) راجع إلى ما دل عليه الكلام ، وهو لفظ أحد المقدر أو الكتابي المدلول عليه بأهل الكتاب ، وفيه دليل على أنه لا يموت يهودي أو نصراني إلا وقد آمن بالمسيح ، وقيل : كلا الضميرين لعيسى ، والمعنى : أنه لا يموت عيسى حتى يؤمن به كل كتابي في عصره ، وقيل : الضمير الأول لله ، وقيل : إلى محمد ، وقد اختار كون الضميرين لعيسى ابن جرير ، وقال به جماعة من السلف وهو الظاهر ، والمراد الإيمان به عند نزوله في آخر الزمان كما وردت بذلك الأحاديث المتواترة ويوم القيامة يكون عيسى على أهل الكتاب شهيدا يشهد على اليهود بالتكذيب له ، وعلى النصارى بالغلو فيه حتى قالوا : هو ابن الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد أخرج ابن جرير ، عن محمد بن كعب القرظي قال : جاء ناس من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا : إن موسى جاء بالألواح من عند الله فائتنا بالألواح من عند الله حتى نصدقك ، فأنزل الله يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء إلى وقولهم على مريم بهتانا عظيما وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن جريج في الآية قال : إن اليهود والنصارى قالوا لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم : لن نبايعك على ما تدعونا إليه حتى تأتينا بكتاب من عند الله إلى فلان أنك رسول الله وإلى فلان أنك رسول الله ، فأنزل الله يسألك أهل الكتاب الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن عباس في قوله : أرنا الله جهرة قال : إنهم إذا رأوه فقد رأوه ، وإنما قالوا جهرة أرنا الله قال : هو مقدم ومؤخر . وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن قتادة في قوله : ورفعنا فوقهم الطور قال : جبل كانوا في أصله فرفعه الله فجعله فوقهم كأنه ظلة ، فقال : لتأخذن أمري أو لأرمينكم به ، فقالوا : نأخذه فأمسكه الله عنهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : وقولهم على مريم بهتانا عظيما قال : رموها بالزنا . وأخرج سعيد بن منصور ، والنسائي ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء خرج إلى أصحابه وفي البيت اثنا عشر رجلا من الحواريين ، فخرج عليهم من عين في البيت ورأسه يقطر ماء فقال : إن منكم من يكفر بي اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن بي ، ثم قال : أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني ويكون معي في درجتي ؟ فقام شاب من أحدثهم سنا فقال له : اجلس ، ثم أعاد عليهم ، فقام الشاب فقال : اجلس ، ثم أعاد عليهم ، فقام الشاب فقال : أنا ، فقال : أنت ذاك فألقي عليه شبه عيسى ، ورفع عيسى من روزنة في البيت إلى السماء ، قال : وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشبه فقتلوه ثم صلبوه ، فكفر به بعضهم اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن به وافترقوا ثلاث فرق ، فقالت طائفة : كان الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء ، فهؤلاء اليعقوبية ، وقالت فرقة : كان فينا ابن الله ما شاء ثم رفعه الله إليه ، وهؤلاء النسطورية ، وقالت فرقة : كان فينا عبد الله ورسوله وهؤلاء المسلمون فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها ، فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمدا ، فأنزل الله عليه فآمنت طائفة من بني إسرائيل [ الصف : 14 ] يعني : الطائفة التي آمنت في زمن عيسى وكفرت طائفة يعني : التي كفرت في زمن عيسى فأيدنا الذين آمنوا في زمن عيسى بإظهار محمد دينهم على دين الكافرين .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن كثير بعد أن ساقه بهذا اللفظ عن ابن أبي حاتم قال : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس فذكره ، وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس ، وصدق ابن كثير ، فهؤلاء كلهم من رجال الصحيح ، وأخرجه النسائي من حديث أبي كريب ، عن أبي معاوية بنحوه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد رويت قصته عليه السلام من طرق بألفاظ مختلفة ، وساقها عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن وهب بن منبه على صفة قريبة مما في الإنجيل ، وكذلك ساقها ابن المنذر عنه . وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس في قوله : وما قتلوه يقينا قال : لم يقتلوا ظنهم يقينا . وأخرج ابن المنذر ، عن مجاهد مثله . وأخرج ابن جرير ، عن ابن جويبر ، والسدي مثله أيضا . وأخرج الفريابي ، وعبد بن حميد ، والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته قال : خروج عيسى ابن مريم . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم من طرق عنه في الآية قال : قبل موت عيسى . وأخرجا عنه أيضا قال : قبل موت اليهودي . وأخرج ابن جرير عنه قال : إنه سيدرك أناس من أهل الكتاب عيسى حين يبعث سيؤمنون به .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر عنه قال : ( ليس يهودي يموت أبدا حتى يؤمن بعيسى ، قيل لابن عباس : أرأيت إن خر من فوق بيت ؟ قال : يتكلم به في الهواء ، فقيل : أرأيت إن ضرب عنق أحدهم ؟ قال : يتلجلج به لسانه ) وقد روي نحو هذا عنه من طرق ، وقال به جماعة من التابعين ، وذهب كثير من التابعين فمن بعدهم إلى أن المراد قبل موت عيسى كما روي عن ابن عباس قبل هذا ، وقيده كثير منهم بأنه يؤمن به من أدركه عند نزوله إلى الأرض ، وقد تواترت الأحاديث بنزول عيسى حسبما أوضحنا ذلك في مؤلف مستقل يتضمن ذكر ما ورد [ ص: 343 ] في المنتظر والدجال والمسيح .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية