الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3550 [ ص: 519 ] باب منه

                                                                                                                              وهو في النووي في: (الباب المتقدم) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 67 - 68 جـ 13 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [ عن عبد الرحمن بن شماسة المهري ، قال: كنت عند مسلمة بن مخلد ، وعنده عبد الله بن عمرو بن العاص . فقال عبد الله : لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق . هم شر من أهل الجاهلية. لا يدعون الله بشيء إلا رده عليهم.

                                                                                                                              فبينما هم على ذلك، أقبل عقبة بن عامر . فقال له مسلمة : يا عقبة ! اسمع ما يقول عبد الله . فقال عقبة : هو أعلم . وأما أنا ، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله، قاهرين لعدوهم ، لا يضرهم من خالفهم، حتى تأتيهم الساعة، وهم على ذلك" . فقال عبد الله : أجل. ثم يبعث الله ريحا، كريح المسك، مسها مس الحرير. فلا تترك نفسا في قلبه مثقال حبة من الإيمان إلا قبضته . ثم يبقى شرار الناس، عليهم تقوم الساعة ] .

                                                                                                                              [ ص: 520 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 520 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن عبد الرحمن بن شماسة المهري، قال: كنت عند مسلمة بن مخلد) بضم الميم وفتح الخاء، وتشديد اللام.

                                                                                                                              (وعنده عبد الله بن عمرو بن العاص. فقال عبد الله: لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق. هم شر من أهل الجاهلية. لا يدعون الله بشيء إلا رده عليهم. فبينا هم على ذلك، أقبل عقبة بن عامر) رضي الله عنهم، (فقال له مسلمة: يا عقبة ! اسمع ما يقول عبد الله. فقال عقبة: هو أعلم. وأما أنا فسمعت رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم يقول: "لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله، قاهرين لعدوهم، لا يضرهم من خالفهم، حتى تأتيهم الساعة، وهم على ذلك. فقال عبد الله: أجل. ثم يبعث الله ريحا، ريح المسك، مسها مس الحرير. فلا تترك نفسا في قلبه مثقال حبة من إيمان، إلا قبضته. ثم يبقى شرار الناس، عليهم تقوم الساعة) .

                                                                                                                              لم يتكلم النووي على معنى هذا الحديث. ومعناه: ما تقدم قريبا.

                                                                                                                              والظاهر أن المراد بهذه العصابة: من يقاتل من ملوك الإسلام عدوه.

                                                                                                                              وأن سلطنة الإسلام لا تزول إلى يوم القيامة، بل تبقى في قطر من أقطار الأرض، ومصر من أمصارها. وهذه بشارة عظيمة، يتقوى بها قلوب الضعفاء من المسلمين، ويسكن إليها أفئدة الغرباء المؤمنين.

                                                                                                                              [ ص: 521 ] قال النووي : هذا الحديث، سبق شرحه مع ما يشبهه، في أواخر كتاب الإيمان. وذكرنا هناك الجمع بين الأحاديث الواردة في هذا المعنى. انتهى.

                                                                                                                              والذي سبق شرحه هناك، " في باب نزول عيسى بن مريم - عليهما السلام - حاكم بشريعة نبينا صلى الله عليه) وآله (وسلم ": هو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين، إلى يوم القيامة. قال: فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم، فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول: لا. إن بعضكم على بعض أمراء. تكرمة الله هذه الأمة".

                                                                                                                              قال النووي : قد قدمنا بيانه، والجمع بينه وبين حديث: "لا تقوم الساعة على أحد يقول: الله، الله ". انتهى. والذي تقدم منه هناك، - في باب ذهاب الإيمان في آخر الزمان -: حديث أنس " رضي الله عنه؛ ": أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا تقوم الساعة، حتى لا يقال في الأرض: الله، الله" .

                                                                                                                              قال النووي : معنى الحديث: أن القيامة، إنما تقوم على شرار الخلق.

                                                                                                                              كما جاء في الرواية الأخرى: " وتأتي الريح من قبل اليمن، فتقبض [ ص: 522 ] أرواح المؤمنين، عند قرب الساعة ". وقد تقدم قريبا - في باب: " الريح التي تقبض أرواح المؤمنين " -: بيان هذا، والجمع بينه وبين قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق إلى يوم القيامة ". انتهى.

                                                                                                                              والذي قال في ذلك الباب - المترجم بقوله: باب في الريح التي تكون قرب القيامة، تقبض من في قلبه شيء من الإيمان -: هو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " إن الله يبعث ريحا من اليمين ألين من الحرير، لا تدع أحدا في قلبه مثقال حبة من إيمان، إلا قبضته".

                                                                                                                              قال: أما معنى الحديث، فقد جاءت في هذا النوع أحاديث؛ منها: "لا تقوم الساعة، حتى لا يقال في الأرض: الله، الله" .

                                                                                                                              ومنها: "لا تقوم الساعة على أحد يقول الله، الله ".

                                                                                                                              ومنها: "لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق ".

                                                                                                                              وهذه كلها وما في معناها: على ظاهرها.

                                                                                                                              قال: وأما الحديث الآخر: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين [ ص: 523 ] على الحق إلى يوم القيامة ": فليس مخالفا لهذه الأحاديث؛ لأن معنى هذا: أنهم لا يزالون على الحق حتى، تقبضهم هذه الريح اللينة، قرب القيامة، وعند تظاهر أشراطها. فأطلق في هذا الحديث " بقاؤهم إلى قيام الساعة ": على أشراطها ودنوها المتناهي في القرب. والله أعلم.

                                                                                                                              انتهى كلام النووي . وفيه من الطول الممل، وقلة الفائدة، ما لا يخفى.




                                                                                                                              الخدمات العلمية