الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : أيقنوا ، أيها المؤمنون ، واعلموا أن قسم الغنيمة على ما بينه لكم ربكم ، إن كنتم آمنتم بالله وما أنزل على عبده يوم بدر ، إذ فرق بين الحق والباطل من نصر رسوله " إذ أنتم " ، حينئذ ، " بالعدوة الدنيا " ، يقول : بشفير الوادي الأدنى إلى المدينة " وهم بالعدوة القصوى " ، يقول : وعدوكم من المشركين نزول بشفير الوادي الأقصى إلى مكة " والركب أسفل منكم " ، يقول : والعير فيه أبو سفيان وأصحابه في موضع أسفل منكم إلى ساحل البحر . * * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

* ذكر من قال ذلك :

16139 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : " إذ أنتم بالعدوة الدنيا " ، قال : شفير الوادي الأدنى ، وهم بشفير الوادي الأقصى " والركب أسفل منكم " ، قال : أبو سفيان وأصحابه ، أسفل منهم . [ ص: 564 ]

16140 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى " ، وهما شفير الوادي . كان نبي الله بأعلى الوادي ، والمشركون أسفله " والركب أسفل منكم " ، يعني : أبا سفيان ، [ انحدر بالعير على حوزته ] ، حتى قدم بها مكة .

16141 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : " إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى " ، من الوادي إلى مكة " والركب أسفل منكم " ، أي : عير أبي سفيان التي خرجتم لتأخذوها وخرجوا ليمنعوها ، عن غير ميعاد منكم ولا منهم .

16142 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : " والركب أسفل منكم " ، قال : أبو سفيان وأصحابه ، مقبلون من الشأم تجارا ، لم يشعروا بأصحاب بدر ، ولم يشعر محمد صلى الله عليه وسلم بكفار قريش ، ولا كفار قريش بمحمد وأصحابه ، حتى التقى على ماء بدر من يسقي لهم كلهم . فاقتتلوا ، فغلبهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فأسروهم .

16143 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، بنحوه .

16144 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله . [ ص: 565 ]

16145 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي قال : ذكر منازل القوم والعير فقال : " إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى " ، والركب : هو أبو سفيان " أسفل منكم " ، على شاطئ البحر . * * *

واختلفت القرأة في قراءة قوله : " إذ أنتم بالعدوة " .

فقرأ ذلك عامة قرأة المدنيين والكوفيين : ( بالعدوة ) ، بضم العين . * * *

وقرأه بعض المكيين والبصريين : ( بالعدوة ) ، بكسر العين . * * *

قال أبو جعفر : وهما لغتان مشهورتان بمعنى واحد ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب ، ينشد بيت الراعي :


وعينان حمر مآقيهما كما نظر العدوة الجؤذر



بكسر العين من " العدوة " ، وكذلك ينشد بيت أوس بن حجر :


وفارس لو تحل الخيل عدوته     ولوا سراعا وما هموا بإقبال

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية