الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ( 46 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره للمؤمنين به : أطيعوا ، أيها المؤمنون ، ربكم ورسوله فيما أمركم به ونهاكم عنه ، ولا تخالفوهما في شيء " ولا تنازعوا فتفشلوا " ، يقول : ولا تختلفوا فتفرقوا وتختلف قلوبكم " فتفشلوا " ، يقول : فتضعفوا وتجبنوا ، " وتذهب ريحكم " . * * *

وهذا مثل . يقال للرجل إذا كان مقبلا ما يحبه ويسر به " الريح مقبلة عليه " ، يعني بذلك : ما يحبه ، ومن ذلك قول عبيد بن الأبرص :


كما حميناك يوم النعف من شطب والفضل للقوم من ريح ومن عدد

[ ص: 576 ]

يعني : من البأس والكثرة . * * *

وإنما يراد به في هذا الموضع : وتذهب قوتكم وبأسكم ، فتضعفوا ويدخلكم الوهن والخلل . * * *

" واصبروا " ، يقول : اصبروا مع نبي الله صلى الله عليه وسلم عند لقاء عدوكم ، ولا تنهزموا عنه وتتركوه " إن الله مع الصابرين " ، يقول : اصبروا فإني معكم .

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

* ذكر من قال ذلك :

16163 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : " وتذهب ريحكم " ، قال : نصركم . قال : وذهبت ريح أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، حين نازعوه يوم أحد .

16164 - حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " وتذهب ريحكم " ، فذكر نحوه .

16165 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، نحوه إلا أنه قال : ريح أصحاب محمد حين تركوه يوم أحد .

16166 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " ، قال : [ ص: 577 ] حدكم وجدكم .

16167 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : " وتذهب ريحكم " ، قال : ريح الحرب .

16168 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : " وتذهب ريحكم " ، قال : " الريح " ، النصر ، لم يكن نصر قط إلا بريح يبعثها الله تضرب وجوه العدو ، فإذا كان ذلك لم يكن لهم قوام .

16169 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : " ولا تنازعوا فتفشلوا " ، أي : لا تختلفوا فيتفرق أمركم " وتذهب ريحكم " ، فيذهب حدكم " واصبروا إن الله مع الصابرين " ، أي : إني معكم إذا فعلتم ذلك .

16170 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد ، في قوله : " ولا تنازعوا فتفشلوا " ، قال : الفشل ، الضعف عن جهاد عدوه والانكسار لهم ، فذلك " الفشل " . [ ص: 578 ] * * *

التالي السابق


الخدمات العلمية