الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          باب الشين والكاف وما يثلثهما

                                                          ( شكل ) الشين والكاف واللام معظم بابه المماثلة . تقول : هذا شكل هذا ، أي مثله . ومن ذلك يقال أمر مشكل ، كما يقال أمر مشتبه ، أي هذا شابه هذا ، وهذا دخل في شكل هذا ، ثم يحمل على ذلك ، فيقال : شكلت الدابة بشكاله ، وذلك أنه يجمع بين إحدى قوائمه وشكل لها . وكذلك دابة بها شكال ، إذا كان إحدى يديه وإحدى رجليه محجلا . وهو ذاك القياس ; لأن البياض أخذ واحدة وشكلها .

                                                          [ ص: 205 ] ومن الباب : الشكلة ، وهي حمرة يخالطها بياض . وعين شكلاء ، إذا كان في بياضها حمرة يسيرة . قال ابن دريد : ويسمى الدم أشكل ، للحمرة والبياض المختلطين منه . وهذا صحيح ، وهو من الباب الذي ذكرناه في إشكال هذا الأمر ، وهو التباسه ; لأنها حمرة لابسها بياض .

                                                          قال الكسائي : أشكل النخل ، إذا طاب رطبه وأدرك . وهذا أيضا من الباب ; لأنه قد شاكل التمر في حلاوته ورطوبته وحمرته . فأما قولهم : شكلت الكتاب أشكله شكلا ، إذا قيدته بعلامات الإعراب فلست أحسبه من كلام العرب العاربة ، وإنما هو شيء ذكره أهل العربية ، وهو من الألقاب المولدة . ويجوز أن يكون قد قاسوه على ما ذكرناه ; لأن ذلك وإن لم يكن خطا مستويا فهو مشاكل له .

                                                          ومما شذ عن هذا الأصل : شاكل الدابة وشاكلته ، وهو ما علا الطفطفة منه . وقال قطرب : الشاكل : ما بين العذار والأذن من البياض .

                                                          ومما شذ أيضا : الشكلاء ، وهي الحاجة ، وكذلك الأشكلة . وبنو شكل : بطن من العرب .

                                                          ومن هذا الباب : الأشكل ، وهو السدر الجبلي . قال الراجز :


                                                          عوجا كما اعوجت قياس الأشكل



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية