الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              563 (باب ما يقول إذا دخل الخلاء)

                                                                                                                              وقال النووي: (إذا أراد دخول الخلاء).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 70 ج 4 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أنس في حديث حماد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء، وفي حديث هشيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الكنيف قال: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أنس) رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا دخل)؛ أي:

                                                                                                                              أراد الدخول.

                                                                                                                              وكذا جاء مصرحا في رواية البخاري، كان إذا أراد أن يدخل و "الخلاء" بفتح الخاء والمد.

                                                                                                                              وفي حديث هشيم "كان إذا دخل الكنيف" بفتح الكاف وكسر النون.

                                                                                                                              [ ص: 434 ] "والخلاء"، "والكنيف"، "والمرحاض" كلها "موضع قضاء الحاجة".

                                                                                                                              قال: "اللهم إني أعود بك من الخبث": "بضم الباء وإسكانها، وهما وجهان مشهوران. في رواية هذا الحديث.

                                                                                                                              ونقل عياض: أن أكثر روايات الشيوخ "الإسكان".

                                                                                                                              قال الخطابي "الخبث"، بضم الباء. جماعة الخبيث.

                                                                                                                              قال: وعامة المحدثين يقولون: "الخبث"، بإسكان الباء، وهو غلط، والصواب "الضم" انتهى.

                                                                                                                              وهذا الذي غلطهم فيه ليس بغلط، ولا يصح إنكاره؛ فإن الإسكان جائز على سبيل التخفيف. كما يقال: كتب، ورسل، وعنق، وأذن، ونظائره.

                                                                                                                              فكل هذا وما أشبه ذلك، جائز تسكينه بلا خلاف. عند أهل العربية، وهو باب معروف من أبواب التصريف، لا يمكن إنكاره.

                                                                                                                              ولعل الخطابي أراد الإنكار على من يقول: أصله الإسكان، فإن كان أراد هذا، فعبارته موهمة.

                                                                                                                              وقد صرح جماعة من أهل المعرفة: بأن الباء هنا ساكنة، منهم أبو عبيد إمام هذا الفن والعمدة فيه.

                                                                                                                              "والخبائث" جمع "الخبيثة"، أراد "ذكران" الشياطين وإناثهم.

                                                                                                                              وقيل: "الخبث" الشر. وقيل: الكفر. والأول: أوضح.

                                                                                                                              [ ص: 435 ] وقيل: "الخبائث"، المعاصي.

                                                                                                                              قال ابن الأعرابي: "الخبث" في كلام العرب "المكروه". فإن كان من الكلام؛ فهو "الشتم". وإن كان من الملل: فهو "الكفر". وإن كان من الطعام، فهو "الحرام". وإن كان من الشراب؛ فهو "الضار"، والله أعلم. وهذا الأدب مجمع على استحبابه، ولا فرق فيه بين البنيان، والصحراء، وإلى ندبه ذهب الشوكاني رحمه الله تعالى.




                                                                                                                              الخدمات العلمية