الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة تسع وعشرين وخمسمائة

فمن الحوادث فيها:

قد ذكرنا أن أمير المؤمنين قال للسلطان مسعود ارحل عنا بأصحابك ، وأنه أقام على دار الغربة متلوما فنفذ إليه الجاولي شحنة بغداد مصانعا له على الخروج ، وأمر إن هو دافع أن يحط خيمه ، ثم بعث إليه الخلع في سلخ ذي الحجة ، ثم أحسن منه أنه قد باطن الأتراك واطلع منه سوء نية ، فأخرج أمير المؤمنين سرادقه ، وضربه عند رءوس الحيطان ، وأخرج أرباب الدولة خيمهم ، فوصل الخبر بأن طغرل مات يوم الأربعاء ثالث المحرم ، فرحل مسعود جريدة فتلاحقه العسكر ، وأعاد الخليفة سرادقه فوصل مسعود إلى همذان واختلف عليه العسكر وانفرد عنه قزل وسنقر وغيرهما ، وأسرى إليهم ففرق شملهم ، فورد منهم إلى بغداد جماعة ، وأخبروا بسوء ضميره منهم البازدار وقزل وسنقر ، وخرج أنوشروان في أصحابه وأهله إلى خراسان لوزارة السلطان مسعود فالتقى به الأمراء الداودية فأخذوا جميع ما معه .

وفي خامس عشر المحرم: لقي القاضي الهيتي في طريق مشهد أبي حنيفة ، فأخذت ثيابه ونعلاه وطيلسانه ، ووقع من البلغة فوهنت يده ، وقيل: إنه ضرب بالسيف مرات فلم يعمل فيه ، بل تقطع كتاب كان في كمه ، وقيل: إن الذي فعل ذلك [ ص: 292 ] جماعة من العسكر الخارجين ، وقيل: بل حكم على زنكي فحقد عليه ففعل به ذلك .

وفي آخر المحرم: وصل ابن زنكي ، وخرج الموكب فاستقبله ومعهم قاضي القضاة والنقيبان ، ودخل من باب الحلبة في موكب عظيم ، ونزل فقبل العتبة ، وقال: أنا وأبي عبيد هذه الدولة ، وما زالت العبيد تجني والموالي تصفح ونحن بحكم الخدمة في أي شيء صرفنا تصرفنا ، وبذل أن يسلم مفاتيح الموصل وغيرها إلى الخليفة وأن يأتي أي وقت أمر ، وبذل الأموال ، وقيل: إنه قال: هذه والدتي وجماعة من النساء رهائن على ذلك ، فبعث إليه الإقامة ، وأنزل في الجانب الغربي في دار ابن الحاذوري الملاح .

وفي غرة صفر: وصل رسول دبيس يقول: أنا الخاطئ المقر بذنبه ، فمهما تقدم إلى امتثلته ، فمات رسوله فمضى إلى مسعود .

ووصل سديد الدولة ابن الأنباري من عند سنجر ، وكان قد تلقى لما مضى من أربعة فراسخ ، فلما أراد ابن الأنباري أن يخلع على سنجر وعلى أولاد أخيه ، قال: ما أريد أن يكون الخلع إلا في يوم واحد وتبدأ بالأصحاب ، وأكون أنا في الأخير وضرب نوبتية عظيمة خارج البلد ، وضرب فيها تخت المملكة ، وجلس وخلع على الأمراء والملوك ، ثم صعد ابن الأنباري على التخت فأدى إليه رسالة الخليفة وسلم إليه المكتوب وهو في خريطة ، فقام قائما ونزل وقبل الأرض وأعاد فصعد وترك الخريطة على ركبته ، وألبس الخلع والتاج والطوق ، ثم نزل سديد الدولة فقدم الفرس بالمركب وهو منعل بالذهب ، وقدم مركب أمير المؤمنين بالسيور الفرس الذي يركبه ، فنزل سنجر وقبل حافر الفرس ، وعاد فصعد وجرى ذكر طغرل فقال: أنا أعلم أنه أعقل من مسعود وأصلح لأمير المؤمنين ، ولكني قد وليته ولا أرضى لنفسي أن أتغير ، ثم كتب جواب الكتاب ، وقال: أنا العبد المملوك .

وفي ربيع الأول: وصلت هدايا من بكبه من البصرة فيها القنا ، وناب الفيل ، وآبنوس ، وميس وفي قفصين ، طاووسان ذكران وأنثيان . [ ص: 293 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية