الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3477 [ ص: 544 ] باب المسابقة بين الخيل وتضميرها

                                                                                                                              ومثله في النووي ، سواء بسواء.

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 14 - 15 جـ 13 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن ابن عمر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بالخيل التي قد أضمرت، من الحفياء . وكان أمدها: ثنية الوداع وسابق بين الخيل التي لم تضمر: من الثنية إلى مسجد بني زريق . وكان ابن عمر فيمن سابق بها ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن ابن عمر) رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم، سابق بالخيل التي قد أضمرت، من الحفياء) بحاء مهملة وفاء ساكنة، وبالمد والقصر. حكاهما عياض وآخرون. القصر أشهر. والحاء مفتوحة بلا خلاف.

                                                                                                                              وقال "صاحب المطالع ": وضبطه بعضهم: بضمها. قال: وهو خطأ. قال الحازمي في " المؤتلف ": ويقال فيها أيضا: " الحيفاء " بتقديم الياء على الفاء. والمشهور المعروف، في كتب الحديث وغيرها: " الحفياء ".

                                                                                                                              [ ص: 545 ] يقال: أضمرت، وضمرت. وهو أن يقلل علفها مدة. وتدخل بيتا كنينا، وتجلل فيه لتعرق، ويجف عرقها فيجف لحمها، وتقوى على الجري. قاله النحوي، ونحوه في الفتح. وذكر مثل معناه في " النهاية "، وزاد في الصحاح: " وذلك في أربعين يوما".

                                                                                                                              وفيه: جواز تضمير الخيل. وبه يندفع قول من قال: إنه لا يجوز، لما فيه من مشقة على الجري.

                                                                                                                              (وكان أمدها "ثنية الوداع ") هي عند المدينة. سميت بذلك؛ لأن الخارج من المدينة، يمشي معه المودعون إليها.

                                                                                                                              ولفظ النيل: لأن المودعين، يمشون مع حاج المدينة إليها. والحاصل واحد.

                                                                                                                              قال ابن عيينة: بينها وبين الحفياء: خمسة أميال، أو ستة. وقال موسى بن عقبة: ستة، أو سبعة.

                                                                                                                              وفيه: مشروعية " الإعلام " بالابتداء والانتهاء، عند المسابقة.

                                                                                                                              (وسابق بين الخيل التي لم تضمر، من الثنية إلى مسجد بني زريق) بتقديم الزاي.

                                                                                                                              وفيه: دليل لجواز قول " مسجد فلان "، " ومسجد بني فلان ".

                                                                                                                              وقد ترجم له البخاري بهذه الترجمة.

                                                                                                                              وهذه الإضافة، للتعريف.

                                                                                                                              [ ص: 546 ] (وكان ابن عمر، فيمن سابق بها) .

                                                                                                                              وفي الحديث: جواز المسابقة بين الخيل، وجواز تضميرها. قال النووي : وهما مجمع عليهما، للمصلحة في ذلك، وتدريب الخيل ورياضتها، وتمرنها على الجري، وإعدادها لذلك، لينتفع بها عند الحاجة في القتال، كرا وفرا. انتهى.

                                                                                                                              وقال القرطبي: لا خلاف في جواز المسابقة على الخيل، وغيرها من الدواب، وعلى الأقدام. وكذا الرمي بالسهام، واستعمال الأسلحة. لما في ذلك من التدرب على الجري.

                                                                                                                              واختلف العلماء، هل هي مباحة، أم مستحبة ؟

                                                                                                                              وبالثاني قالت الشافعية : وأجمعوا على جوازها بغير عوض، بين جميع أنواع الخيل؛ قويها مع ضعيفها، وسابقها مع غيره، سواء كان معها ثالث أم لا.

                                                                                                                              فأما بعوض؛ فجائزة بالإجماع. لكن بشرط أن يكون العوض من غير المتسابقين. أو يكون بينهما، ويكون معهما محلل، وهو ثالث على فرس مكافئ لفرسيهما، ولا يخرج المحلل من عنده شيئا. ليخرج هذا العقد عن صورة القمار.

                                                                                                                              وليس في هذا الحديث، ذكر عوض في المسابقة. قاله النووي ، " رحمه الله ".




                                                                                                                              الخدمات العلمية