الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3516 [ ص: 547 ] باب في أهل التخلف بالعذر

                                                                                                                              وقوله تعالى: لا يستوي القاعدون الآية

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب سقوط فرض الجهاد، عن المعذورين) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 42 جـ 13 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أبي إسحاق ؛ أنه سمع البراء يقول في هذه الآية: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله : فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا ، فجاء بكتف يكتبها فشكا إليه ابن أم مكتوم ضرارته فنزلت لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر "].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي إسحاق، أنه سمع البراء) رضي الله عنه: (يقول في هذه الآية: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله : فأمر رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم زيدا، فجاء بكتف فكتبها) .

                                                                                                                              فيه: جواز كتابة القرآن في الألواح، والأكتاف. وفيه: طهارة عظم المذكى، وجواز الانتفاع به.

                                                                                                                              (فشكا إليه ابن أم مكتوم ضرارته) أي: عماه. هكذا هو في جميع [ ص: 548 ] النسخ: (بفتح الضاد) . وحكى صاحب " المشارق والمطالع "، عن بعض الرواة: أنه ضبط: " ضررا به". والصواب الأول.

                                                                                                                              (فنزلت: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر .

                                                                                                                              فيه: دليل لسقوط الجهاد عن المعذورين. ولكن لا يكون ثوابهم ثواب المجاهدين، بل لهم ثواب نياتهم - إن كان لهم نية صالحة - كما قال صلى الله عليه) وآله (وسلم: " ولكن جهاد ونية".

                                                                                                                              وفيه: أن الجهاد فرض كفاية، ليس بفرض عين.

                                                                                                                              وفيه: رد على من يقول: إنه كان في زمن النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم: فرض عين. وبعده: فرض كفاية.

                                                                                                                              والصحيح: أنه لم يزل فرض كفاية، من حين شرع. وهذه الآية ظاهرة في ذلك، لقوله تعالى: وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما . وقوله تعالى: غير أولي الضرر : قرئ بنصب الراء ورفعها. قراءتان مشهورتان في السبع؛ فمن نصب: فعلى الاستثناء.

                                                                                                                              ومن رفع: فوصف للقاعدين، أو بدل منهم.

                                                                                                                              ومن جر: فوصف للمؤمنين، أو بدل منهم. والله أعلم. هذا كلام النووي .

                                                                                                                              [ ص: 549 ] وأقول: التحقيق؛ أن الجهاد كان فرض عين، على من عينه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حقه، وإن لم يخرج.

                                                                                                                              وأما بعده، فهو فرض كفاية على المشهور. إلا أن تدعو الحاجة؛ كأن يدهم العدو. ويتعين على من عينه الإمام.

                                                                                                                              ويتأدى فرض الكفاية: بفعله في السنة مرة، عند الجمهور. ومن حججهم: أن الجزية لا تجب في السنة أكثر من مرة اتفاقا، فليكن بدلها كذلك.

                                                                                                                              وقيل: يجب كلما أمر وهو قوي.

                                                                                                                              قال في النيل: التحقيق؛ أن جنس جهاد الكفار متعين على كل مسلم؛ إما بيده، وإما بلسانه، وإما بماله، وإما بقلبه. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية