الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة

فمن الحوادث فيها:

[ورود أبي البركات وزير السلطان مسعود]

أنه ورد أبو البركات ابن مسلمة وزير السلطان مسعود فقبض على أبي الفتوح بن طلحة ، وقرر عليه مائة ألف دينار يحصلها من ماله ومن الناس ومن دار الخلافة ، فبعث إليه المقتفي فقال: ما رأينا أعجب من أمرك أنت تعلم أن المسترشد سار إليك بأمواله فجرى ما جرى وعاد أصحابه عراة ، وولي الراشد ففعل ما فعل ثم رحل وأخذ ما بقي من الأموال ولم يبق في الدار سوى الأثاث فأخذته جميعه وتصرفت في دار الضرب ودار الذهب ، وأخذت التركات والجوالي فمن أي وجه نقيم لك هذا المال؟ وما بقي إلا أن نخرج من الدار ونسلمها ، فإني عاهدت الله تعالى أن لا آخذ من المسلمين حبة واحدة ظلما ، فلما سمع هذه الرسالة أسقط ستين وطالب بأربعين ، وأما ما قرر من أموال الناس فأنكره السلطان ولم يكن منه ، وأما ما كان من دار الخلافة فتلاشى ولم يتم ، وقام صاحب المخزن من خاصه بعشرة آلاف دينار جبيت من الناس وتقدم السلطان بجباية العقار فلقي الناس من ذلك شدة وخرج رجل [صالح] يقال له ابن الكواز فلقي السلطان بالميدان ، وقال له: "أنت المطالب بما يجري على الناس فما يكون جوابك [ ص: 321 ] فانظر بين يديك ، ولا تكن كمن إذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فأسقط ذلك" .

وقبض على أبي الكرم الوالي الهاشمي ، فوقف جماعة من العيارين بالرحبة ، فأخذوا ثياب الناس وقت السحر .

وورد الخبر بموت الفجاءة في همذان وأصفهان فمات منهم ألوف حتى أغلقت الدور ، ثم أعيدت الجباية من العقار وضوعفت ، ثم قطعت الجبايات ، ووقعت مصادرات لأهل الأموال حتى إنهم أخذوا بإذخر الجوهري على رأس جمال ليصادر .

ووصل يمن العراق الخادم إلى بغداد رسولا من السلطان سنجر فأمر السلطان مسعودا بمبايعة المقتفي عنه ، فدخل إليه في رجب فبايعه عن عمه سنجر ، وتمت البيعة المقتفية في خراسان ، وخرج هذا الخادم إلى الموصل فأخذ بيعة زنكي وأهل الشام ، ودفع الراشد عن زنكي فتوجه نحو آذربيجان .



التالي السابق


الخدمات العلمية