الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          بعد ذلك ذكر - سبحانه - لموسى - عليه السلام - الإيمان بالقيامة؛ والبعث؛ وما يتصل بالآخرة؛ وإن هذا فيصل التفرقة بين الإيمان؛ والزندقة؛ فالإيمان بالبعث؛ وما يعقبه؛ هو قوام الشخصية المؤمنة؛ وهو الإذعان؛ وبه يكون السير إلى الله؛ ولذا جعل من أركان الإيمان مع التوحيد؛ والصلاة؛ لامتلاء النفس بذكر الله (تعالى)؛ إن الساعة آتية أكاد أخفيها أي أنه - سبحانه وتعالى - أخفاها؛ لأنه لا يبين للناس متى تكون؛ ولم يعط علمها لنبي؛ ولا لأحد من الناس؛ مع تأكيد وقوعها من غير تعيين لزمانها؛ فكأنه أخفاها؛ أخفى زمانها؛ وأكد وقوعها؛ فهو لم يخفها؛ ولو كان أعلم الناس بها علما كاملا؛ لأعلم متى تكون؛ ولكنه أكد مجيئها.

                                                          وقوله (تعالى): لتجزى كل نفس بما تسعى اللام متعلقة بـ "آتية "؛ أي أن مجيئها للجزاء؛ فيجزى من عمل عملا صالحا جزاء صالحا؛ ومن عمل عملا سيئا يجزى جزاء وفاقا؛ لما ارتكب؛ وهكذا يكون كل مجزيا بعمله؛ إن خيرا فخير؛ وإن شرا فشر؛ فما خلق الإنسان سدى؛ يفعل ما يشاء من غير حساب على ما فعل؛ وجزاء للخير الذي أراده؛ ونواه؛ وفعله؛ وقوله (تعالى): بما تسعى أي تجزى جزاء بالذي تسعى؛ الباء للمقابلة؛ أي مقابل ما تسعى؛ أو تجزى بذات ما تسعى؛ وذلك لمساواة السعي مع الجزاء؛ فكأنه هو هو.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية