الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وما منا إلا له مقام معلوم الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير عن ابن عباس في قوله : وما منا إلا له مقام معلوم قال : الملائكة، وإنا لنحن الصافون . قال الملائكة، وإنا لنحن المسبحون قال : الملائكة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن مجاهد ، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال : ذاك قول جبريل عليه السلام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ في "العظمة" عن سعيد بن جبير : وما منا إلا له مقام معلوم قال : الملائكة، ما في السماء موضع إلا عليه ملك إما ساجد وإما قائم حتى تقوم الساعة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 488 ] وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب "الصلاة"، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم . وذلك قول الملائكة : وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما لجلسائه : أطت السماء وحق لها أن تئط ليس منها موضع قدم إلا عليه ملك راكع أو ساجد، ثم قرأ : وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، والفريابي وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في "شعب الإيمان"، عن ابن مسعود قال : إن من السماوات لسماء ما فيها موضع شبر إلا وعليه جبهة ملك أو قدماه قائما أو ساجدا، ثم قرأ : وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد : وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون قال : أطت السماء، وما تلام أن تئط؛ إن في [ ص: 489 ] السماء لسماء ما فيها موضع شبر إلا عليه جبهة ملك أو قدماه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الترمذي وحسنه، وابن ماجه ، وابن مردويه عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط؛ ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن حكيم بن حزام قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هل تسمعون ما أسمع؟ قلنا : يا رسول الله ما تسمع؟ قال : أسمع أطيط السماء وما تلام أن تئط، ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك راكع أو ساجد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كانوا يصلون الرجال والنساء جميعا حتى نزلت : وما منا إلا له مقام معلوم فتقدم الرجال وتأخر النساء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن مالك قال : كان الناس يصلون متبددين فأنزل الله : وإنا لنحن الصافون فأمرهم أن يصفوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق في "المصنف"، وابن المنذر عن ابن جريج قال : حدثت أنهم كانوا لا يصفون حتى نزلت : وإنا لنحن الصافون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن الوليد بن عبد الله [ ص: 490 ] بن أبي مغيث قال : كانوا لا يصفون في الصلاة حتى نزلت : وإنا لنحن الصافون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق في "المصنف" عن الحسن قال : كانت أول صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر، فأتاه جبريل فقال : وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون فقام جبريل بين يديه ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، ثم صف الناس من خلفه والنساء خلف الرجال، فصلى بهم الظهر أربعا حتى إذا كان عند العصر قام جبريل ففعل مثلها ثم جاءه حين غربت الشمس فصلى بهم ثلاثا، يقرأ في الركعتين الأولتين يجهر فيهما ولم يسمع في الثالثة، حتى إذا كان عند العشاء وغاب الشفق جاءه جبريل فصلى بالناس أربع ركعات يجهر بالقراءة في ركعتين، حتى إذا أصبح ليلته، أتاه فصلى ركعتين يجهر فيهما ويطيل القراءة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة قال : استووا وتراصوا، يريد الله بكم هدى الملائكة" . وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم عن أبي نضرة قال : كان عمر بن الخطاب إذا أقيمت الصلاة قال : استووا، تقدم يا فلان، تأخر يا [ ص: 491 ] فلان أقيموا صفوفكم يريد الله بكم هدي الملائكة، ثم يتلو : وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي ، وابن ماجه ، عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم . قلنا : وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال : يتمون الصفوف المقدمة ويتراصون في الصف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مسلم عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فضلنا على الناس بثلاث، جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض مسجدا، وجعلت لنا تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اعتدلوا في صفوفكم وتراصوا؛ فإني أراكم من وراء ظهري، قال أنس : لقد رأيت أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن النعمان بن بشير قال : لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقوم [ ص: 492 ] الصفوف كما تقوم القداح فأبصر يوما صدر رجل خارجا من الصف فقال : لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، وابن أبي شيبة والحاكم والضياء عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقيموا صفوفكم، لا يتخللكم الشيطان كأولاد الحذف، قيل : يا رسول الله وما أولاد الحذف؟ قال : ضأن سود يكون بأرض اليمن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول : استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقيموا صفوفكم فإن من حسن الصلاة إقامة الصف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى الأشعري قال : إن نبي الله صلى الله عليه وسلم خطبنا [ ص: 493 ] فبين لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا فقال : إذا صليتم فأقيموا صفوفكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إذا قمتم إلى الصلاة فاعدلوا صفوفكم، وسدوا الفرج فإني أراكم من وراء ظهري .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سد فرجة في صف رفعه الله بها درجة، وبنى له بيتا في الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يضحك الله إلى ثلاثة؛ القوم إذا صفوا في الصلاة، وإلى الرجل يقاتل وراء أصحابه، وإلى الرجل يقوم في سواد الليل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سووا صفوفكم وأحسنوا ركوعكم وسجودكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن علي قال : استووا تستو قلوبكم، وتراصوا تراحموا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج محمد بن نصر عن أبي صالح قال : لما نزلت هذه الآية : إن ربك [ ص: 494 ] يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل إلى قوله : علم أن لن تحصوه [المزمل : 20 ] . قال جبريل : أشق ذلك عليكم؟ قال : نعم، قال : وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وإنا لنحن الصافون قال : صفوف في السماء، وإنا لنحن المسبحون أي : المصلون، هذا قول الملائكة . قال : يثنون بمكانهم من العبادة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية