الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ولله ما في السماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم

                                                                                                                                                                                                و ليس لك من الأمر شيء : اعتراض، والمعنى: أن الله مالك أمرهم، فإما يهلكهم أو يهزمهم أو يتوب عليهم إن أسلموا، أو يعذبهم إن أصروا على الكفر، وليس لك من أمرهم شيء، إنما أنت عبد مبعوث لإنذارهم ومجاهدتهم، وقيل: إن "يتوب": منصوب بإضمار "أن" وأن "يتوب" في حكم اسم معطوف بأو على الأمر أو على (شيء) أي: ليس لك من أمرهم شيء، أو من التوبة عليهم، أو من تعذيبهم، أو ليس لك من أمرهم شيء، أو التوبة عليهم، أو تعذيبهم، وقيل: "أو" بمعنى "إلا أن" كقولك: لألزمنك أو تعطيني حقي، على معنى ليس لك من أمرهم شيء إلا أن يتوب الله عليهم فتفرح بحالهم، أو يعذبهم فتتشفى منهم.

                                                                                                                                                                                                وقيل: شجه عتبة بن أبي وقاص يوم أحد وكسر رباعيته، فجعل يمسح الدم عن وجهه، وسالم مولى أبي حذيفة يغسل عن وجهه الدم، وهو يقول: "كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم وهو يدعوهم إلى ربهم" فنزلت.

                                                                                                                                                                                                وقيل: أراد أن [ ص: 625 ] يدعو الله عليهم فنهاه الله تعالى؛ لعلمه أن فيهم من يؤمن.

                                                                                                                                                                                                وعن الحسن يغفر لمن يشاء بالتوبة، ولا يشاء أن يغفر إلا للتائبين، ويعذب من يشاء ولا يشاء أن يعذب إلا المستوجبين للعذاب.

                                                                                                                                                                                                وعن عطاء : يغفر لمن يتوب إليه ويعذب من لقيه ظالما، وإتباعه قوله: أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون تفسير بين لمن يشاء، وأنهم المتوب عليهم، أو الظالمون، ولكن أهل الأهواء والبدع يتصامون ويتعامون عن آيات [ ص: 626 ] الله فيخبطون خبط عشواء، ويطيبون أنفسهم بما يفترون على ابن عباس من قولهم: يهب الذنب الكبير لمن يشاء، ويعذب من يشاء على الذنب الصغير.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية