الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا ؛ [ ص: 328 ] أي: قد أجابكم إلى ما سألتم؛ من بعث ملك يقاتل؛ وتقاتلون معه؛ و " طالوت " ؛ و " جالوت " ؛ و " داود " ؛ لا تنصرف؛ لأنها أسماء أعجمية؛ وهي معارف؛ فاجتمع فيها شيئان؛ التعريف والعجمة؛ وأما " جاموس " ؛ فلو سميت به رجلا لانصرف؛ وإن كان عجميا؛ لأنه قد تمكن في العربية؛ لأنك تدخل عليه الألف واللام؛ فتقول: " الجاموس " ؛ و " الراقود " ؛ فعلى هذا قياس جميع الباب. وقوله - عز وجل -: أنى يكون له الملك علينا ؛ أي: من أي جهة يكون ذلك؟ ولم يؤت سعة من المال ؛ أي: لم يؤت ما تتملك به الملوك؛ فأعلمهم الله أنه اصطفاه ؛ ومعناه: اختاره؛ وهو " افتعل " ؛ من " الصفوة " ؛ والأصل: " اصتفاه " ؛ فالتاء إذا وقعت بعد الصاد؛ أبدلت طاء؛ لأن التاء من مخرج الطاء؛ والطاء مطبقة؛ كما أن الصاد مطبقة؛ فأبدلوا الطاء من التاء؛ ليسهل النطق بما بعد الصاد؛ وكذلك " افتعل " ؛ من " الضرب " : " اضطرب " ؛ ومن " الظلم " : " اظطلم " ؛ ويجوز في " اظطلم " ؛ وجهان آخران؛ يجوز: " اطلم " ؛ بطاء مشددة غير معجمة؛ و " اظلم " ؛ بظاء مشددة؛ قال زهير :


                                                                                                                                                                                                                                        هو الجواد الذي يعطيك نائله ... عفوا ويظلم أحيانا فيظطلم



                                                                                                                                                                                                                                        و " فيطلم " ؛ و " فيظلم " ؛ أعلمهم الله أنه اختاره؛ وأنه قد زيد في العلم؛ والجسم؛ بسطة؛ وأعلمهم أن العلم هو الذي به يجب أن يقع الاختيار؛ ليس أن الله - جل وعز - [ ص: 329 ] لا يملك إلا ذا مال؛ وأعلم أن الزيادة في الجسم مما يهب به العدو؛ وأعلمهم أنه يؤتي ملكه من يشاء؛ وهو - جل وعز - لا يشاء إلا ما هو الحكمة والعدل. وقوله - عز وجل -: والله واسع عليم ؛ أي: يوسع على من يشاء؛ ويعلم أين ينبغي أن تكون السعة.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية