الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم ( 75 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : والمتناسبون بالأرحام ( بعضهم أولى ببعض ) ، في الميراث ، إذا كانوا ممن قسم الله له منه نصيبا وحظا ، من الحليف والولي ( في كتاب الله ) ، يقول : في حكم الله الذي كتبه في اللوح المحفوظ والسابق من القضاء ( إن الله بكل شيء عليم ) ، يقول : إن الله عالم بما يصلح عباده ، في توريثه بعضهم من بعض في القرابة والنسب ، دون الحلف بالعقد ، وبغير ذلك من الأمور كلها ، لا يخفى عليه شيء منها .

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

16353 - حدثنا أحمد بن المقدام قال : حدثنا المعتمر بن سليمان قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا قتادة أنه قال : كان لا يرث الأعرابي المهاجر ، حتى أنزل الله : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) .

16354 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا معاذ بن معاذ قال : حدثنا ابن عون ، عن عيسى بن الحارث : أن أخاه شريح بن الحارث كانت له سرية ، فولدت منه جارية ، فلما شبت الجارية زوجت ، فولدت غلاما ، ثم ماتت السرية ، واختصم شريح بن الحارث والغلام إلى شريح القاضي في ميراثها ، فجعل شريح بن الحارث يقول : ليس له ميراث في كتاب الله! قال : فقضى شريح بالميراث للغلام . قال : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) ، فركب ميسرة بن يزيد إلى ابن الزبير ، فأخبره بقضاء شريح وقوله ، فكتب ابن [ ص: 91 ] الزبير إلى شريح : "إن ميسرة أخبرني أنك قضيت بكذا وكذا" ، وقلت : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) ، وإنه ليس كذلك ، إنما نزلت هذه الآية : أن الرجل كان يعاقد الرجل يقول : "ترثني وأرثك" ، فنزلت : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) ، فجاء بالكتاب إلى شريح ، فقال شريح : أعتقها حيتان بطنها! وأبى أن يرجع عن قضائه .

16355 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن عون قال : حدثني عيسى بن الحارث قال : كانت لشريح بن الحارث سرية ، فذكر نحوه إلا إنه قال في حديثه : كان الرجل يعاقد الرجل يقول : "ترثني وأرثك" ، فلما نزلت ترك ذلك .

آخر تفسير "سورة الأنفال"

والحمد لله وحده ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله .

‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌ ‌‌

التالي السابق


الخدمات العلمية