الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم ؛ يقرأ: " ولنحمل " ؛ بسكون اللام؛ وبكسرها؛ في قوله: " ولنحمل " ؛ وهو أمر في تأويل الشرط؛ والجزاء؛ والمعنى: " إن تتبعوا سبيلنا حملنا خطاياكم. [ ص: 162 ] والمعنى: " إن كان فيه إثم فنحن نحتمله " ؛ ومعنى " سبيلنا " : الطريق في ديننا؛ الذي نسلكه؛ فأعلم الله - عز وجل - أنهم لا يحملون شيئا من خطاياهم؛ فقال: وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء ؛ معناه: " من شيء يخفف عن المحمول عنه العذاب " ؛ ثم أعلم أنهم يحملون أثقالهم؛ وأثقالا مع أثقالهم؛ كما قال - عز وجل -: ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ؛ فقال في هذه السورة: وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم ؛ وجاء في الحديث تفسير هذا أنه من سن سنة ظلم؛ أو من سن سنة سيئة؛ فعليه إثمها وإثم من عمل بها؛ ولا ينتقص من أوزار الذين عملوا بها شيء؛ ومن سن سنة حسنة؛ كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة؛ ولا ينتقص من أجورهم شيء؛ وعلى قوله: علمت نفس ما قدمت وأخرت ؛ أي: علمت ما قدمت من عمل؛ وما سنت من سنة خير؛ أو شر؛ فإن ذلك مما أخرت؛ ويجوز أن يكون " ما قدمت وأخرت " : ما قدمت من عمل؛ وما أخرت مما كان يجب أن تقدمه؛ ثم أعلم الله - عز وجل - أنه يوبخهم؛ فقال: وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ؛ فذلك سؤال توبيخ؛ كما قال: وقفوهم إنهم مسؤولون ؛ فأما سؤال استعلام؛ فقد أعلم الله - عز وجل - أنه لا يسأل سؤال استعلام؛ في [ ص: 163 ] قوله: فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية