الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم

ثم دخلت سنة أربع وثلاثين وخمسمائة

فمن الحوادث فيها :

أنه بدأ بهروز يعمل سكر النهروانات فبناه دفعتين وهو يتفجر ، ثم استحكم في الثالثة ، وما زال يعمل عليه إلى أن مات في سنة أربعين .

وولدت في هذه السنة ابنة قاور من السلطان مسعود ولدا ذكرا ، فعلقت بغداد وظهرت المنكرات ، فبقيت ثمانية أيام فمضى ابن الكواز الزاهد إلى باب [ابن ] قاور وقال : إن أزلتم هذا وإلا بتنا في الجوامع ، وشكونا إلى الله تعالى فحطوا التعاليق فمات الولد

وعلقت البلد لأجل دخول خاتون بنت محمد زوجة المقتفي ، وكانت قد وصلت مع أخيها مسعود ، وأقامت عنده بدار المملكة ثم دخلت إلى الخليفة في زي عجيب وبين يديها زوجة السلطان مسعود بنت دبيس وبنت قاور ، ويحجبها الوزير شرف الدين والمهد ومركب الخليفة وذلك في جمادى الأولى .

ثم وقع في رجب إملاك السيدة بنت أمير المؤمنين [ لمسعود ] ، وحضر وزير [ ص: 4 ] الخليفة ووزير السلطان والوجوه ، ونثر عليهم ، وتمكن الوزير أبو القاسم بن طراد من الدولتين .

ونفذ الخليفة خدما وعمالا على البلاد من غير مشاورة الوزير وجرت بينهما وحشة وانقطع الوزير عن الخدمة ، ثم وقع الصلح في [خامس عشر من ] شعبان ، وخلع على الوزير واختصم أصحاب ترشك [وأصحاب الوزير ، فبعث الوزير إلى السلطان ] مسعود فقبض عليه ، فأشار الوزير بأن يكون في خدمة السلطان تحت ركابه ، فأخذه مسعود في صحبته ، فثقل ذلك على الخليفة لكونه من خاصته ، ثم أشير على السلطان بإعادته فأعاده ، ثم منع الوزير ثقة الدولة ابن الأبري من الدخول إلى الخليفة ، وكان وكيله قديما فثقل ذلك على الخليفة فقبض على حاجب الوزير ، فاستشعر الوزير من ذلك فقصد دار السلطان مسعود في سميرية وسط النهار ، وأقام بها [وذلك في ذي القعدة من هذه السنة ] فروسل في العود إلى منصبه ، فامتنع وكانت الكتب تعنون باسمه إلى أن ورد جواب مكتوبات الخليفة إلى السلطان من المعسكر يقول له : كلنا بحكمك فول من تريده واعزل من تريد ، فبعث إليه على يدي صاحب المخزن وابن الأنباري ونجاح الخادم ، فعزله من الوزارة وهو مقيم بدار المملكة ، وذلك في ذي الحجة ، واستناب قاضي القضاة الزينبي ، وتقدم بفتح الديوان ، وجرت الأمور على العادة ، ثم إن قاضي القضاة مرض فاستنيب ابن الأنباري .

وتوفي رجل خير من باب الأزج ونودي عليه ، واجتمع الناس في مدرسة عبد القادر للصلاة عليه فلما أريد غسله عطس وعاش ، وأحضرت جنازة [رجل غيره ] أخرى فدخل عليه فصلى ذلك الخلق عليها .

وتكاثرت كبسات العيارين وصاروا يأخذون مجاهرة .

[ ص: 5 ] وولي أبو الحسين الدامغاني قضاء الجانب الغربي ، وجلس ابن السهروردي للوعظ في النظامية [في شعبان ] وحضر أرباب الدولة .

وفي رمضان عزل ابن الصاحب من باب النوبي ، وولي مكانه ابن مسافر ، ثم عزل في ذي الحجة وولي أبو غالب بن المعوج .

وغارت المياه من أقطار الأرض ، ونقص ماء دجلة نقصا لم ير مثله ، ورفعت كراسي الوعاظ من جامع القصر .

التالي السابق


الخدمات العلمية