الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( وإن أدركه في القيام وخشي أن تفوته القراءة ترك دعاء الاستفتاح واشتغل بالقراءة ; لأنها فرض فلا يشتغل عنه بالنفل ، فإن قرأ بعض الفاتحة فركع الإمام ففيه وجهان ( أحدهما ) يركع ويترك القراءة ; لأن متابعة الإمام آكد ; ولهذا لو أدركه راكعا سقط عنه فرض القراءة ، ( الثاني ) : يلزمه أن يتم الفاتحة ; لأنه لزم بعض القراءة فلزمه إتمامها ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) قال أصحابنا : إذا حضر مسبوق فوجد الإمام في القراءة وخاف ركوعه قبل فراغه من الفاتحة فينبغي أن لا يقول دعاء الافتتاح والتعوذ ، بل يبادر إلى الفاتحة ; لما ذكره المصنف ، وإن غلب على ظنه أنه إذا قال الدعاء والتعوذ أدرك تمام الفاتحة استحب الإتيان بهما فلو ركع الإمام ، وهو في أثناء الفاتحة فثلاثة أوجه : ( أحدها ) : يتم الفاتحة ( والثاني ) : يركع ويسقط عنه قراءتها ، ودليلهما ما ذكره المصنف ، قال البندنيجي : هذا الثاني هو نصه في الإملاء ، قال : ، وهو المذهب ( والثالث ) ، وهو الأصح ، ، وهو قول الشيخ أبي زيد المروزي وصححه القفال والمعتبر أنه إن لم يقل شيئا من [ ص: 110 ] دعاء الافتتاح والتعوذ ركع وسقط عنه بقية الفاتحة ، وإن قال شيئا من ذلك لزمه أن يقرأ من الفاتحة بقدره لتقصيره بالتشاغل فإن قلنا : عليه إتمام الفاتحة فتخلف ليقرأ كان متخلفا بعذر فيسعى خلف الإمام على نظم صلاة نفسه فيتم القراءة ثم يركع ثم يعتدل ثم يسجد حتى يلحق الإمام ويعذر في التخلف بثلاثة أركان مقصودة وتحسب له ركعته ، فإن زاد على ثلاثة ففيه خلاف سنذكره إن شاء الله - تعالى - في فصل متابعة الإمام .

                                      فإن قال : خالف ، ولم يتم الفاتحة بل ركع عمدا عالما بطلت صلاته لتركه القراءة عامدا ، وإن قلنا : يركع ركع مع الإمام وسقطت عنه القراءة وحسبت له الركعة .

                                      فلو اشتغل بإتمام الفاتحة كان متخلفا بلا عذر ، فإن سبقه الإمام بالركوع وقرأ هذا المسبوق الفاتحة ثم لحقه في الاعتدال لم يكن مدركا للركعة ; لأنه لم يتابعه في معظمها ، صرح به إمام الحرمين والأصحاب ، وهل تبطل صلاته إذا قلنا بالمذهب إن التخلف بركن واحد لا يبطل الصلاة ؟ فيه وجهان حكاهما إمام الحرمين وآخرون ( أصحهما ) : لا تبطل كما في غير المسبوق ( والثاني ) : تبطل ; لأنه ترك متابعة الإمام فيما فاتت به ركعة فكان كالتخلف بركعة .

                                      فإن قلنا : تبطل وجب استئنافها وحرم الاستمرار فيها مع العلم ببطلانها ، وإن قلنا : لا تبطل قال الإمام : ينبغي أن لا يركع ; لأن الركوع غير محسوب له ، ولكن يتابع الإمام في الهوى إلى السجود ، ويصير كأنه أدركه الآن ، والركعة غير محسوبة له ، ثم صورة المسألة إذا لم يدرك مع الإمام ما يمكنه فيه إتمام الفاتحة ، فأما إذا أتى بدعاء الافتتاح وتعوذ ثم سبح أو سكت طويلا فإنه مقصر بلا خلاف ، ولا تسقط عنه الفاتحة صرح به الإمام .




                                      الخدمات العلمية